Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 93-96)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : ولكن السبيل على الذين يجدون ما ينفقون فيتركون الخروج بقوله : { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } ، يعني النساء ، { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، هذا قد ذكر هاهنا { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، وذكر في الآية الأولى : { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } [ التوبة : 87 ] . والفقه : هو معرفة الشيء بغيره ، والعلم : هو وقوع العلم لا بغيره ؛ ولذلك يقال : الله عالم ، ولا يجوز أن يقال : فقيه ، فأخبر - عز وجل - أنهم لا عرفوا الشيء بغيره [ و ] لا بنفسه ؛ عناداً منهم ومكابرة . وقوله - عز وجل - : { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } . فيه إنباء عما يقول لهم المنافقون إذا رجعوا إليهم ، وتعليم من الله لرسوله والمؤمنين ما يقولون لهم ، وماذا يجيبون عليهم فقال : { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } ، أي : لن نصدقكم بما تعتذرون ، أي : بما تظهرون لأنفسكم من العذر . وقوله : { لاَّ تَعْتَذِرُواْ } ليس على النهي ، ولكن على التوبيخ والتعيير . وقوله - عز وجل - : { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } . يحتمل قوله : { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } : أنكم لا تصلحون أبداً ؛ كما قال : { إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } [ التوبة : 95 ] الآية ، أخبر أنهم رجس وأن مأواهم جهنم . وقيل : { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } ، حين قال لهم : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً … } [ التوبة : 47 ] إلى قوله : { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ } [ التوبة : 47 ] ، قالوا : وهذا الذي نبأنا الله من أخباركم . وقوله - عز وجل - : { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } . قال بعضهم : سيرى الله عملكم ورسوله فيما تستأنفون . ويحتمل قوله : { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } . أي : سيرى الله ورسوله عملكم باطلاً . أو يقول : سيرى الله عملكم ، أي : يجزيكم جزاء عملكم ، ورسوله والمؤمنون يشهدون عليكم بذلك . وقوله - عز وجل - : { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } . قد ذكرنا أنه ليس شيء يغيب عنه ، أو يكون شيء عنده أظهر من شيء ، ولكن ما يغيب عن الخلق وما لا يغيب عنده بمحل واحد . وقوله - عز وجل - : { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . يخرج على الوعيد . وقوله - عز وجل - : { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } . يحتمل قوله : { لِتُعْرِضُواْ } ، أي : لتجاوزوا عنهم ولا تكافئوهم ، فيكون قوله : { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } لما سألوا من المجاوزة عنهم وترك المكافأة . ويحتمل قوله : { لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } ، أي : لا تحاجهم ولا تشتغل بهم ؛ فإنهم لا يصلحون أبداً ، { إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . وقوله - عز وجل - : { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } . وتقبلوا منهم ما يظهرون من العذر ، ثم أخبر أنكم إن رضيتم عنهم وقبلتهم ما يذكرون من عذرهم فإن الله لا يرضى عنهم ؛ لما يعلم أنه لا عذر لهم فيما يظهرون لكم من العذر ، والله أعلم . ليس على النهي عن إرضاء أولئك ؛ لأن إرضاء الخلق بعضهم لبعض إنما يكون بالحلف ، وما يكون من الظاهر ، ولكن النهي عن ترك الموافقة في الباطن ، وفيه يتحقق رضاء الله .