Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 31-35)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } يا أكمل الرسل لمن أنكر توحيد الحق ، واستقلاله في الآثار والتدبيرات الواقعة في الأقطار إلزاماً لهم وتبكيتاً : { مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } بإمطار الأمطار ، وتصعيد البخار { وَٱلأَرْضِ } بالإنبات والإخراج { أَمَّن يَمْلِكُ } ويستطيع أن يخلق { ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ } اللتين هما من أعظم أسباب حفظكم وحضانتكم { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ } الحيوان السوي { مِنَ ٱلْمَيِّتِ } أي : النطفة { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } أي : النطفة الجامدة من الحيوان { وَ } بالجملة : { مَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } في عالم الأسباب والمسببات { فَسَيَقُولُونَ } اضطراراً لغاية ظهوره ووضوحه ، لا يمكنهم أن يكابروا : { ٱللَّهُ } المدبر لجميع الأمور الكائنة في الآفاق والأنفس ؛ إذ من غاية ظهوره لا يعاندون ، ولا يكابرون { فَقُلْ } لهم بعدما اعترفوا بالله المدبر لجميع الكوائن والفواسد ؛ توبيخاً وتقريعاً : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ يونس : 31 ] وتحذرون من بطشه وانتقامه ، تشركون له ما لايسمع ولا يضر ، ولا يغني من الحق شيئاً . { فَذَلِكُمُ } الذي اعترفتم به ، هو { ٱللَّهُ } المتوحد ، المستحق للألوهية والمعبودية ؛ إذ هو { رَبُّكُمُ } أي : مربيكم ومدبر أمركم ؛ لأنه { ٱلْحَقُّ } الثابت ، الحقيق بالحقية { فَمَاذَا بَعْدَ } وحدة { ٱلْحَقِّ } مما اتخذتم آلهة ظلماً وزوراً { إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } الباطل { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } [ يونس : 32 ] أي : فكيف تصرفون وترجعون إلى غيره من الأضلال الهالكة ، وتنسبونها إلى الألوهية والربوبية . { كَذَلِكَ } أي : كما ثبت الربوبية والألوهية للحق سباحنه { حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } أي : ثبتت وتمت صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ } أي : خرجوا من عبادة الله ظلماً وعدواناً { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 33 ] أي : لا يوقنون بالله ، ولا يصلون إلى مرتبة التوحيد أصلاً ، لا علماً ولا عيناً . { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً وتبكيتاً : { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ } أي : في وسعه وقدرتهم { مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ } أي : يوجده ثم يعدمه { ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } كما هو شأن الإله ، المنفرد بالألوهية { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } [ يونس : 34 ] أي : كيف تشكون وتصرفون عن جادة التوحيد بالميل إلى هؤلاء التماثيل الزائفة ، العاطلة المعطلة . { قُلْ } لهم أيضاً تبكيتاً وإلزاماً : { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى } طريق { ٱلْحَقِّ } وصراط مستقيم ، موصل إلى توحيده ، فإن بهتوا { قُلِ ٱللَّهُ } الهادي لعباده { يَهْدِي لِلْحَقِّ } وطريق توحيده من يشاء من عباده ، ويوصله إلى مرتبة حق اليقين { أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } أي : اليقين الحقي { أَحَقُّ } أي : أليق وأحرى { أَن يُتَّبَعَ } أي : يطاع ويقاد له { أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ } بنفقسه إلى شيء أصلاً { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } فاهتدا إن كان من أهل الاستهداء كبعض آلهتكم ، مث عزير وعيسى { فَمَا } عرض ولحق { لَكُمْ } أيها العقلاء ، والمعزولون عن مقتضى العقل { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } [ يونس : 35 ] بألوهيتهم وشركتهم ، مع أن بديهة العقل يأبى عن ذلك .