Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-8)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً } ليكون دليلاً على كمال ظهوره وإشراقه ، وجلائه وانجلائه { وَٱلْقَمَرَ نُوراً } منيراً في ظلمات الليل ؛ ليكون دليلاً على إنارته وإضاءته سبحانه في مشكاة التعينات وظلمات الهوايات { وَقَدَّرَهُ } أي : للقمر { مَنَازِلَ } في السماوات ؛ تسهيلاً لكم في أموركم { لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } التي تحتاجون إليها في معاملاتكم وتجاراتكم وحرثكم ، كما قدر منازل نور النبوة والولاية في مشكاة الأنبياء والأولياء الوارثين منهم ؛ لتقتبسوا أنوار الإيمان المزيحة لظلم الكفر والعصيان من مصابيح أولئك الأمناء الكرام ، وتتوسلوا بهم إلى أن تستضيئوا بضياء الشمس الحقيقي التي لا أقول لها أصلاً . ثم قال سبحانه ترغيباً لعباده ، وتنبيهاً لهم علىأصل فطرتهم : { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي : ما أظهر وأوجد سبحانه ما أظهر في عالم الغيب والشهادة ؛ حسب أسمائه وأوصافه إلا بالحق الثابت الصريح بلا احتياج إلى الدلائل والشواهد ؛ إذ لا شيء أظهر من ذاته سبحانه حتى يجعل دليلاً عليه ، وإنما { يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } المنبهة عليها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ يونس : 5 ] يتحققون بمرتبة اليقين العلمي ؛ ليترقوا منها إلى اليقين العيني والحقي ، وأما المحجوبون فهم من عداد البهائم والأنعام ، لا يرجى منهم الفلاح ؛ لخباثة طينتهم ورداءة فطرتهم . { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ } وإيلاجه في النهار { وَٱلنَّهَارِ } وإيلاجه في الليل { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي } أوضاع { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الأمور المقتضية لاختلافهما { وَٱلأَرْضِ } من المكونات الكائنة فيها على مقتضى تربية العلويات وتدبيراتها { لآيَاتٍ } دلائل واضحات ، وشواه لائحات دالة على قدرة القادر الحكيم المتقن في أمره وفعله { لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } [ يونس : 6 ] عن قهر الله ، ويلتجئون إليه سبحانه عن غضبه وسخطه . ثم قال سبحانه على سبيل التهديد والوعيد : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } لإنكارهم إعادتنا إياهم في يوم الجزاء ؛ لنجزيهم وفق ما عملوا { وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا } المستعار بلا التفات إلى دار القرار { وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } أي : أسكنوا ووطنوا نفوسهم بلذاتها وشهواتها { وَ } بالجملة : { ٱلَّذِينَ هُمْ } لقساوة قلوبهم وغباوة فطنتهم { عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } [ يونس : 7 ] ذاهلون مع وضوحها وظهورهها . { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء ، المعزولون عن مقتضى العقل المستفاد من العقل الكل { مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ يونس : 8 ] من الكفر والعصيان ، ومخالفة الفعل المفاوض .