Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-12)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد ، وبالعكس : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وتوحيده { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المأمورة من عنده ؛ لإصلاح أحوالهم { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ } إلى فضاء توحيده { بِإِيمَانِهِمْ } ويقينهم العلمي { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } أي : جداول المعارف والحقائق المنتشئة من بحر التوحيد ، من صبغة باليقين العيني والحقي { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [ يونس : 9 ] أي : هم مخلدون في مستلذاتهم الروحانية . { دَعْوَاهُمْ فِيهَا } ومناجاتهم مع ربهم ، بعدما انقطعوا عن السلوك والتكميل : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } أي : اللهم إنَّا ننزهك تنزيهاً ، ونقدسك تقديساً عن جميع ما يليق بجنات قدسك { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا } أي : ترحيب بعض أرباب الدرجات مع بعض على تفاوت مراتبهم { سَلاَمٌ } وتسليم ؛ لتحققهم بمقام الرضا ومقعد الصدق { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } بعد وصولهم إلى غاية مأمولهم : { أَنِ ٱلْحَمْدُ } والمنة والثناء { للَّهِ } المنعم المفضل { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ يونس : 10 ] يربيهم بأنواع اللطف والكرام تفضلاً منه سبحانه وامتناناً . ثم قال سبحانه حثاً لعباده إلى الرجوع والتوجه نحوه : { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ } المدبر لأمومر عباده { لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ } حين استعجلوه ؛ لغرض من الأغارض { ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } أي : كاستعجال الخير لهم حين طلبوا ، أو دعوا لأجله { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } يعني : انقرض مدة حياتهم بحلول أجلهم بدعائهم ، ولكن أمهلناهم ؛ رجاء أن يستغفروا منهم من يستغفر ، وبالجملة : { فَنَذَرُ } وتترك المصرين { ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } ورضوا بالحياة الدنيا واقتصروا عليها ، وأنكروا يوم الجزاء واللقاء { فِي طُغْيَانِهِمْ } المتجاوز عن الحد { يَعْمَهُونَ } [ يونس : 11 ] يترددون ؛ إمهالاً لهم وتهويلاً لعذابهم . { وَ } من شدة عمههم وطغيانهم { إِذَا مَسَّ } وعرض { ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ } أي : ما يضره من مرض مؤلم وأمر مفجع مفزع { دَعَانَا } متشكياً إلينا ، باثاً شكواه عندنا ، ملقياً { لِجَنبِهِ } إن لم يقدر على غيره { أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً } متضرعاً متفجعاً مستكشفاً { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ } وعجلنا له مراده تجاوز عنا وعن أمرنا ، ولم يتلفت إلينا أصلاً ، وصار من شدة عمهه وغفلته { مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ } كشف { ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ } أي : مثل ما سمعت { زُيِّنَ } أي : حبب وحسن { لِلْمُسْرِفِينَ } المنهمكين في الغي والضلال { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ يونس : 12 ] من مخالفة أمر الله ، ومخاصمة رسوله والمؤمنين المتابعين له ، والإصرار على ما هم عليه من العتو والعناد .