Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 7-11)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } أنى يعزب ويغيب عن عمله شيء ؟ ! { هُوَ ٱلَّذِي خَلَق } أي : أظهر وأبدع { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي : العلويات والسفليات اللتين هما بمثابتة الآباء والأمهات والفواعل والقوابل لنشأتكم وظهوركم { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } ليحيط بالجهات كلها { وَكَانَ عَرْشُهُ } أي : مجلاه ومحل بروزه على الماء ، وتشعشع تجلياته قبل ظهور هذه المظاهر والمكونات { عَلَى ٱلْمَآءِ } أي : على الحياة الحقيقية الخالية من التغرات والانقالابات المتوهمة من التعينات العدمية والتشخيصات الهيولانية ، وإنما أظهرها على هذا التمثال وأوجدهها على هذا المنوال { لِيَبْلُوَكُمْ } ويختبركم أيها الأظلال والعكوس { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } وقبولاً ، وأتم توجهاً ورجوعاً ، وأكمل تحققاً ووصولاً في يوم الجزاء . { وَ } بعدما نبههم الحق على ما هو الحق ، وأوجدهم على فطرة الفطنة و الذكاء بمبدئهم ونشأتهم الأصلية { لَئِن قُلْتَ } يا أكمل الرسل تذكيراً له وإصلاحاً لحالهم : { إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ } للحساب والجزاء وتنفيذ الأعمال ، فعليكم أن تتهيأوا لها وتدخروا لأجلها حتى لا تؤاخذوا و لاتعاقبوا { لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } منهم من كمال غفلتهم وقسوتهم بعدما سمعوا منك قولك هذا : { إِنْ هَـٰذَآ } أي : ما الذي تقول به هذا الرجل إن وقع وتحقق { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ هود : 7 ] عظيم ؛ إذ إحياء الموتى من العظام الرفات لا يُتصور إلا بالسحر الخارق للعادات ، فإن وقع فهو في غاية العظمة ونهاية الغرابة . { وَ } بعدما استوجبوا لأسوأ العذاب واستحقوا الأليم العقاب بكفرهم وإنكارهم { لَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ } المعد لهم ؛ أي : إتيانه { إِلَىٰ أُمَّةٍ } أي : جماعة من الأيام والأوقات { مَّعْدُودَةٍ } قلائل { لَّيَقُولُنَّ } مستهزئين مستسخرين من غاية جهلهم وإنكارهم : { مَا يَحْبِسُهُ } أي : يمنعه عن إتيان ما يدعيه من العذاب ووقوع ما يعد به من الأخذ والبطش { أَلاَ } تنبهوا أيها المؤمنون وتذكروا { يَوْمَ يَأْتِيهِمْ } العذاب ، واعلموا يقيناً أن العذاب { لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } حينئذ ، ساقطاً عن ذمتهم ، بل نزل عليهم { وَحَاقَ } وأحاط { بِهِم } حتماً { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [ هود : 8 ] من العذاب الموعود وقت إنذار الرسول . { وَ } من غاية لطفنا وجودنا إلى الإنسان ، ونهاية إحساننا معه وتفقدنا لحاله { لَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ } المجبول على النسيان والكفران وأعطيناه { مِنَّا رَحْمَةً } ونعمة تسره وتفرج همه { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } ومنعناها عنه ؛ إظهاراً لقدرتنا وكمال بسطتنا { إِنَّهُ } من قلة تصبره وغاية ضعفه وتكسره { لَيَئُوسٌ } قنوط من فضلنا ورحمتنا { كَفُورٌ } [ هود : 9 ] لما وصل إلي من نعمتنا . { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } وأنعمنا عليه { نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ } أي : أعجزته وأزعجته { لَيَقُولَنَّ } متفخراً مباهياً بطراً { ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ } المؤلمة المحزنة { عَنِّيۤ إِنَّهُ } من غاية غفلته عن المنعم { لَفَرِحٌ } بطر فرحان { فَخُورٌ } [ هود : 10 ] مغرور مفتخر بما في يده من النعم ، مشغل بها عن شكرها وأداء حقها . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على ما أصابهم من السيئات المملة المؤلمة ، واسترجعوا إلى الله لكشفها { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } وواظبوا على الخيرات والحسنات وداوموا على الإيثار والصدقات ؛ شكراً لما أنعمنا عليها { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء الصابرون عن البلاء ، الشاكرون على النعماء عليهم { لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } أي : ستر ومحو لذنوبهم التي مضت عليهم { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } [ هود : 11 ] هو الرضاء منهم تفضلاً عليهم وامتناناً .