Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 69-76)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } حين أردنا أخذهم { لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ } أي : الملائكة المأمورون لإهلاك قوم لوط { إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } والبشارة بالولد بعدما آيس هو وزوجته عن التوالد والتناسل { قَالُواْ } له حين لاقوه : { سَلاَماً } أي : نسلم سلاماً عليكم ترحيباً منا عليك { قَالَ سَلاَمٌ } عليكم دائماً مستمراً أيها المستحقون للتحية والترحيب { فَمَا لَبِثَ } وسكن بعد نزولهم إلى { أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [ هود : 69 ] مشوي ؛ ضيافة لهم ونزلاً لقدومهم ووضع بين أيديهم ، فانصرفوا عنه ولم يمدوا أيديهم نحوه . { فَلَمَّا رَأَى } إبراهيم { أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ } ولا يتناولون منه كما هو عادة المسافرين { نَكِرَهُمْ } أي : أنكر منهم عدم أكلهم ؛ لأن الامتناع من الطعام دليل على قصد المكروه لصاحبه { وَأَوْجَسَ } أي : أضمر { مِنْهُمْ خِيفَةً } خوفاً ورعباً حتى أحسوا منه الخوف وعلامات الرعب { قَالُواْ } تسلية وتسكيناً : { لاَ تَخَفْ } منا { إِنَّا } وإن كنا من أهل الإنذار والإهلاك { أُرْسِلْنَا إِلَىٰ } إهلاك { قَوْمِ لُوطٍ } [ هود : 70 ] ما لنا معك شغل . { وَ } حين قالوا له ما قالوا { ٱمْرَأَتُهُ } أي : سرة حاضرة { قَآئِمَةٌ } لخدمة الأضياف { فَضَحِكَتْ } بعدما سمعت قولهم فرحاً وسروراً ؛ لأنها كانت تقول لإبراهيم : اضمم إليك لوطاً ، فإني أعلم أن البلاء ينزل على هؤلاء المسرفين { فَبَشَّرْنَاهَا } أي : سارة تفضلاً وامتناناً { بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ } ولده { يَعْقُوبَ } [ هود : 71 ] أبا الأنبياء . { قَالَتْ } بعدما سمعت التبشير مستحية مستغربة : { يَٰوَيْلَتَىٰ } أي : يا هلكتي وفضيحتي { ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ } قد مضت علي تسع وتسعون سنة { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } فانياً ابن مائة وعشرين سنة { إِنَّ هَـٰذَا } أي : التوالد بيننا { لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } [ هود : 72 ] غريب خارق للعادة إن وقع . { قَالُوۤاْ } إزالة لشكها وتعجبها : { أَتَعْجَبِينَ } أي : تستبعدين { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } القادر المقتدر بالقدرة الكاملة أمثال هذا ؛ أي : التوالد بين الهرمين تفضلاً وامتناناً مع أنها { رَحْمَتُ ٱللَّهِ } أي : أنواع فضله وجوده { وَبَرَكَاتُهُ } أي : خبراته الكثيرة النالزة { عَلَيْكُمْ } يا { أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } يا أهل بيت الخلة والنبوة { إِنَّهُ } سبحانه في ذاته { حَمِيدٌ } يفعل ما يوجب الحمد له { مَّجِيدٌ } [ هود : 73 ] محسن كثير الإحسان والإنعام المستجلب لأنواع المحامد والأثنية . { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ } أي : الخوف والرعب بستيلة الرسل إياه { وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } بما لا ترقب له فيه أخذ { يُجَادِلُنَا } أي : يجادل مع رسلنا ويناجي معنا { فِي } حق { قَوْمِ لُوطٍ } [ لوط : 74 ] وأخذنا إياهم . ؟ وما حمله على المجادلة والمناجاة في حقهم إلا فرط إشافقه ورقة قلبه { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ } في نفسه { لَحَلِيمٌ } غير عجول على الانتقام ، كظيم الغيظ والغضب { أَوَّاهٌ } كثير التأوه والتأسف من الذنب الصادر عنه { مُّنِيبٌ } [ هود : 75 ] رجاع إلى الله في جميع حالاته ، فقاس حالهم على نفسه ، فأخذ يجادل في حقهم ؟ قال الرسل بوحي الله إياهم : { يَٰإِبْرَٰهِيمُ } المتحقق بمقام الخلة { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ } الجدال ، وانصرف عن مدافعة كلام الله المبرم { إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ } وثبت منه سبحانه الحكم بهلاكهم حتماً مبرماً ، ولا تنفعهم مجادلتك وممانعتك { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ } عن قريب { عَذَابٌ } حتم { غَيْرُ مَرْدُودٍ } [ هود : 76 ] بتقويتك وحمايتك .