Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 58-62)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } حين استوزر الملك يوسف عليه السلام وأقامه في ضبط الممالك وقيام أمور الناس من التدبيرات المتعلقة بأمور معاشهم من تكثير الغلات والزراعات حتى دخلت السنون المجدبة ، وكانت البيونات والمغلات مملوءة بأنواع الحبوبات ، ثم لما أحاط الجدب جميع بلاد المصر والشام وعم البلوى في جميع الأماكن والجهات ، اضطر الناس إلى أن يلتجئوا إلى باب العزيز ؛ ليستغلوا منه ويسدوا رمقهم ؛ لذلك { جَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ } من الكنعان ليستغلوا { فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ } بأجمعهم { فَعَرَفَهُمْ } بالفور ، وسألهم عن الوطن والمصلحة ، فقالوا : نحن أولاد يعقوب جُدبنا الآن ، واضطررنا إلى أن جئنا نستقوت من جاه العزيز ولا يحصل من الغير مطلقاً . ثم قال هم يوسف : أنتم بأجمعكم أبناء رجل واحد ؟ قالوا : نعم إن لأبينا اثني عشر ابناً ، عشرة من زوجة وأثنان من زوجة أخرى ، ونحن تلك العشرة وواحد من الاثنين ، قد هلك في الصحراء ، والآخر عند أبينا يؤانس معه ويدفع به وحشة أبنه ؛ إذ هو محبوب له مرغوب عنده { وَهُمْ } مع طول صحبتهم معه ومجالسته عنده { لَهُ مُنكِرُونَ } [ يوسف : 58 ] لا يتفقهون ولا ينتبهون فكيف يعرفونه . { وَلَمَّا جَهَّزَهُم } الخدام بإذن العزيز { بِجَهَازِهِمْ } وهيأوا أرحالهم فأرادوا أن يشدوا ، دخلوا على العزيز للتوديع { قَالَ } لهم العزيز : { ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ } ليدل على صدقكم ونجابة أصلكم { أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ٱلْكَيْلَ } وأتمه لكم { وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } [ يوسف : 59 ] أحسن ضيافتكم مثل ما أحسنت . { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ } أي : بأخيكم بنيامين { فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي } أي : فاعلموا ألاَّ كيل لكم عندي بعد اليوم { وَلاَ تَقْرَبُونِ } [ يوسف : 60 ] ولا تدخلوا داري ، إذ أنتم حنيئذٍ قوم كاذبون . وبعدما سمعوا منه كلاماً موحشاً ، وتفرسوا أنهم لو لم يأتوا بأخيهم لما اكتال لهم العزيز ولم ينزلهم ، فكيف أن يحسن معهم ويضيفهم ؟ { قَالُواْ } له معتذرين : إن له أباّ شيخاً كبيراً ، محزوناً ، آسفاً يتسلى به { سَنُرَاوِدُ } ونجتهد مقدار طاقتنا { عَنْهُ أَبَاهُ } ونخدع به بأنواع الخدع حتى نأتي { وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } [ يوسف : 61 ] ألبتة وجوهاً من الخداع لإتيانه . { وَ } بعدما هيأا للسفر وأرادوا أن يرحلوا { قَالَ } يوسف { لِفِتْيَانِهِ } أي : خدامه وأعوانه : { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ } التي أتوا بها وهي الأدم والنعال في رحالهم على وجه لا يشعرونها { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ } وقت { إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ } ورجعوا { إِلَىٰ أَهْلِهِمْ } وبعد رؤيتهم البضاعة آيسوا { لَعَلَّهُمْ } بعد ذلك { يَرْجِعُونَ } [ يوسف : 62 ] بأخيهم لو رجعوا .