Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 70-76)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } على الوجه المعهود وشدوا رحالهم { جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ } أي : أمر يوسف للخدمة أن يجعلوا السقاية التي بها يكال ، وهي من الفضة ، وقيل : من الذهب { فِي رَحْلِ أَخِيهِ } بنيامين ، وبعدما شدوا الرحال ودعوا مع العزيز جميعاً ، فخرجوا عقبها { ثُمَّ } بعدما خرجوا من البلدة { أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ } أي : صاح عليهم صائح من قبل العزيز : { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ } أي : القفل إلى أين تمشون ؟ { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } [ يوسف : 70 ] مدبرين . { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ } أي : على الصائحين ، مضطربين خائفين : { مَّاذَا تَفْقِدُونَ } [ يوسف : 71 ] أيها الفاقدون المتفقدون ؟ { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ } أي : الآنية التي يصاع ويكال بها { وَ } بالجملة : { لِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } من المكيل { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } [ يوسف : 72 ] ضمين أتكفل أن أتفحص من رحله . { قَالُواْ } مضطربين ، مقسيمن ، مستبعدين : { تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ } أيتها الخدمة والعزيز { مَّا جِئْنَا } عندكم وفي أرضكم { لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ } سيما السرقة ، فإنها من أعظلم الفسادات { وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } [ يوسف : 73 ] أصلاً ؛ إذ نحن أولاد الأنبياء ولا يليق بنا أمثال هذا . { قَالُواْ } أي : الشرطة الخدام : { فَمَا جَزَآؤُهُ } أي : أي شيء جزاء السارق منكم { إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } [ يوسف : 74 ] في دعوى البراءة والنزاهة ؟ { قَالُواْ } أي : إخوة يوسف : { جَزَآؤُهُ } أي : جزاء السارق { مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ } نفسه وشخصه { جَزَاؤُهُ } أي : جزاء سرقته بأن يسترق سنة ، وكان جزاء الساءق في دين يعقوب استرقاق سنة { كَذٰلِكَ } أي : مثل ما قلنا { نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } [ يوسف : 75 ] السارقين في دين أبناء يعقوب عليه السلام . ثم لما أفتوا بما أفتوا أخذوا بالتفيش والكشف { فَبَدَأَ } الزاعم { بِأَوْعِيَتِهِمْ } أي : بتفتيشها وتفحصها { قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ } بنيامين { ثُمَّ } بعدما استقصى الكل واستقرأها تفشياً { ٱسْتَخْرَجَهَا } أي : السقاية { مِن وِعَآءِ أَخِيهِ } لئلا يظن أنهم يدسونها في رحله { كَذٰلِكَ } أي : مثل كيد يوسف لأخذ أخيه بنيامين { كِدْنَا لِيُوسُفَ } في أخذه من يد إخوته وخلاصه من الرق والسجن ، وكدنا له أيضاً في أخذ أخيه من إخوته بفتواهم أيضاً ؛ إذ { مَا كَانَ } أي : ما صح وجاز له { لِيَأْخُذَ أَخَاهُ } بجرم السرقة { فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ } أي : ملك مصر ؛ إذ في دينه اضرب وأخذ ضعف ما سرق { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } هذا الحكم المخصوص في دين الملك ، وألهمه ليوسف بنفاذه أو بحكم في هذه المسألة على دين آبائه ، أو كان الملك أسلم بيده ، ودخل بيدن آبائه على ما نُقل { نَرْفَعُ } ونعلو { دَرَجَاتٍ } أي : مراتب ومنازل { مَّن نَّشَآءُ } من عبادنا ، بزيادة الفضائل والكمالات والحقائق والمعارف { وَ } لا يبعد منا أمثال هذا ؛ إذ { فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [ يوسف : 76 ] أعلى منه لا إلى نهاية ؛ إذ لا انقطاع لتجددات التجليات أصلآً ، لذلك قال سبحانه : " ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي " أي : شوقي وتجلياتي .