Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 77-80)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما شاهدوا استخراج الوعاء من رجل بنيامين اضطبروا اضطراباً شديداً وتحزنوا حزناً غيظاً { قَالُوۤاْ } مغاضبين عليه مريدين مقته : { إِن يَسْرِقْ } هذا اللئيم ، فلا تعجبوا منه ؛ إذ هي من ديدنة أخيه سربت عليه { فَقَدْ سَرَقَ } مثله { أَخٌ لَّهُ } أكبر منه { مِن قَبْلُ } من أوان طفوليته يريدون يوسف . قيل : ورثت عمة يوسف من أبيها منطقة إبرايهم ، وكانت تحضن يوسف وتحبه ، فلما شب أراد يعقوب انتزاعه منها ، فلم ترض العمة ، فشدت المنطقة على وسطه ثم أظهرت ضياعها ، فتفحص عنها فوجدتها مشدودة في وسطه ، فتحاكموا فصارت أحق به في دينهم . فلما سمع يوسف منهم ما سمع { فَأَسَرَّهَا } وكتمها { يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ } ولم يظهر الإنكار عليهم بل أضمر حيث { قَالَ } في نفسه وسره : { أَنْتُمْ } أيها المسرفون { شَرٌّ مَّكَاناً } أي : خصلة ومنزلة وشأناً { وَٱللَّهُ } المطلع لأحوال عباده { أَعْلَمُ } منكم { بِمَا تَصِفُونَ } [ يوسف : 77 ] وتشرحون بألسنتكم افتراء ومراء . ثم لما جزم العزيم بأخذ أخيه على جريمة السرقة واسترقاقه إلى سنة { قَالُواْ } متضرعين متذللين منادين له على وجه الخضوع راجين من قبوله : { يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أدام الله عزك { إِنَّ لَهُ } أي : لهذا المفسد السارق { أَباً شَيْخاً كَبِيراً } في السن والمرتبة ؛ إذ هو نبي من الأنبياء ، ضرير من فراق ابنه الهالك ، يتسلى قلبه ويزول وحشته لمؤانسته هذا المسرف مع أنا حلفنا معه وآتيناه موثقاً عظيماً أن نرجع فيه { فَخُذْ } من جاهك وإحسانك { أَحَدَنَا مَكَانَهُ } أي : بدله بواحد منا لنخدم في بابك ، وأطلقه لنذهب به غلى أبيه الضرير الضعيف ؛ لئلا يستوجش ولا نحنث في حلفنا { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ يوسف : 78 ] المتعودين للإحسان ، المتمرنين فيه ، فتعم علينا وعلى الشيخ الضعيف إحسانك وامتنانك . { قَالَ } يوسف : { مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ } يعني : نعوذ بالله أن نأخذ غير السارق بدله ظلماً لمصلحتكم { إِنَّـآ } وإن فعلنا مثل ما التمستم من كنا { إِذاً لَّظَالِمُونَ } [ يوسف : 79 ] خارجون عن حدود الله بلا إذن شرعي . { فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ } ومن تبديدله { خَلَصُواْ } وخرجوا من عنده { نَجِيّاً } متناجين في نفوسهم بأن ما عليه العزيم هو الحق ؛ لأ أخذ البريء بدل المجرم ظلم صريح ، ثم لما صمموا العزم إلى الرجوع وآيسوا من بنيامين { قَالَ كَبِيرُهُمْ } رأياً وسناً ، وهو روبيل أو شمعون : { أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ } أيها المسرفون { أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً } عظيماً وعهداً وثيقاً { مِّنَ ٱللَّهِ } القادر المقتدر على أنواع الغضب والانتقام أن ترجعوا به { وَ } أيضاً لم تستحيوا من الله ولم تتذكروا { مِن قَبْلُ } في سالف الزمان { مَا فَرَّطتُمْ فِي } حق { يُوسُفَ } من الإذلال والزجر التام والألم المفرط والإلقاء في الجب وبيعه رقيقاً ، وغير ذلك من أنوا الأذبات معه ، وأنتم ما استحييتم من الله ، تدعون وراثة الأنبياء وتنسبون أنفسكم إليهم وبعد اللتيا والتي فعلتم بأخيه أيضاً هذا { فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ } أي : لا أزول عن أرض مصر { حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي } بالخروج منها { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [ يوسف : 80 ] .