Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 7-12)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
واعلم يا أكمل الرسل أنه { لَّقَدْ كَانَ فِي } قصة { يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ } وما جرى بينهم من الحيل والمخادعات وإسقاط المروءة والخيانات ، والإنابة والرجوع منها إلى الله في الخلويات ، وإظهار العدم والاستحياء من الله ، ومنه يوسف وأبيه { آيَاتٌ } دلائل واضحات ، وشواهد مفصحات عن أسرار التوحيد { لِّلسَّائِلِينَ } [ يوسف : 7 ] لو تأملوا في رموزها وإشاراتها واعتبروا منها . اذكر لهم يا أكمل الرسل : { إِذْ قَالُواْ } أي : إخوة يوسف حين بثوا الشكوى من أبيهم في خلواتهم ، حاسدين على يوسف أخيهم : { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } بنيامين ، أضافره لكونه من أمه { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا } يؤانس معهما ويتحنن إليهما { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } فرقة ذوو قوة وكفاية تستحق وتليق أن يحبنا ويلتفت إليها ، وبالجملة : { إِنَّ أَبَانَا } في تفضيل المفضول وترجيح المرجوح { لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ يوسف : 8 ] ظاهر المخالفة للعقل والعرف . فعليكم أيها الإخوان أن تتأملوا في أمر أبيكم ، وتتشاوروا لمقت يوسف وهلاكه حتى لا يحلق العار عليكم { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ } حتى ييأتس أبوكم منه ويقبل إليكم بالكلية { أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } بعيدة عن العمران غاية البعد حتى ينساه أبوه ، وحينئذ { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } أي : يخص ويخلص لكم مواجهة أبيكم خالياً عن أغياركم ، ويقتصر حينئذ التفاته وتحننه نحوكم { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ } أي : بعد فقد يوسف عن نظر أبيكم وغيبته من عنه { قَوْماً صَالِحِينَ } [ يوسف : 9 ] لخدمته وصحبته ومؤانسته ، أو المعنى بأن تتوبوا بعدما صدر عنكم هذه الجريمة ، ولتكونوا من بعده قوماً صالحين تائبين . وبعدما تشاوروا في مقت يوسف وطرحه وطرده { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } وهو يهوذا وكان أ ؛ سنهم رأياً " { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } إذ نحن من عترة الأنبياء ، لا يليق بنا قتله بلا رخصة شرعية { وَ } إن أردتم أن تدفعوه من عند أبيكم { أَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } الذي على متن الطريق { يَلْتَقِطْهُ } أي : يأخذه ويذهب { بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } أي : بعض السائرين في أقطر الأرض ، الواردين على الماء ، فلا طريق لكم لطرده وطرحه سوى هذا { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } [ يوسف : 10 ] قاصدين جازمين أن تفعلوا معه ما يبعده عن وجه أبيه . وبعدما سمعوا من يهوذا ما سمعوا واستقرار رأيهم على رأيه ، فأخذوه يحتالون ويمكرون لينالوا ما قصدوا ، فاجتمعوا يوماً عند أبيهم تحنناً عليه وتواضعاً { قَالُواْ } له على سبيل الشكوى وإظهار الحزن : { يَٰأَبَانَا } نحن بنوك وخادموك ، ويوسف أخونا وقرة عيننا وقوة ظهرنا { مَا لَكَ } أي شيء من السوء منا عرض لك ووصل إليك { لاَ تَأْمَنَّا } أي : لا تجعلنا أمناء مشفقين { عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا } في أنفسنا { لَهُ لَنَاصِحُونَ } [ يوسف : 11 ] مشفقون حافظون مريدون الخير له . ثم لما تفرسوا بأن أثَّر كلامهم في أبيهم ، ولاح منه أمارات الرضا والتسليم ، أخذوا في المكر حيث قالوا متضرعين إليه متحنين نحوه : { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً } نخرج إلى الصحراء مستنشقين { يَرْتَعْ } ويتفكه من أنواع الفواكه { وَيَلْعَبْ } بأنواع اللعب من الاستباق والانتضال ؛ تفريجاً له وتفريحاً للقلب { وَ } لا تخف من أن يلحقه مكروه { إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ يوسف : 12 ] يجمعنا من المكروهات .