Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 91-95)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما ظهر عليهم ما ظهر من الفضيحة والشناعة وأنواع الندامة والكآبة { قَالُواْ } متضرعين ، مستحيين ، متذللين ، مقسمين على سبيل التثبيت والتقرير { تَٱللَّهِ } يا أخانا { لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ } واصطفاك { عَلَيْنَا } وأراك في المنام ما أراك من سجود الشمس والقمر والكواكب المعتبرة ، وكفاك هذا دليلاً على نجابتك واختيارك علينا ، مع أن أبانا قد علم منك ما علم من الرشد وكمال العلم والفضل ؛ لذلك آثرك علينا محبة وعطفاً { وَ } بالجملة : { إِن كُنَّا } أي : إنَّ كنا { لَخَاطِئِينَ } [ يوسف : 91 ] إذلالك وإرادة إهلاكك وضربك وإيذائك ، وفي إبطال إرادة الله ومشيئته وكما حكمته وقدرته ، وفي إيذاء أبينا بمفارقتك عنه وإيقاعه بأنواع البليات والنكبات إلى حيث ابيضت كريمتاه من فراقك ، فالآن ألأمر بيدك وإنَّا مجرمون ، معترفون بأنواع الجرائم ، فلك الاختيار ، وعلينا الحسرة والندامة وأنواع الكآبة والسآمة . ثم لما رأى يوسف منهم ما رأى من الندامة المفرطة والخجل والخذلان وأنواع الخيبة والخسران { قَالَ } لهم ؛ تسلية عليهم وتزكية لنفسه بمقتضى نجابة طينته : { لاَ تَثْرِيبَ } أي : لا تقريع ولا توبيخ { عَلَيْكُمُ } مني في حال من الأحوال سيما { ٱلْيَوْمَ } الذي أنتم تعتذرون فيه وتستغفرون عني ، فاعلموا أني عفوت لكم ما لي من الحقوق عليكم ، وأبرأت ذمتكم عنها ، بل { يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } بعدما استغفرتم إليه مخصلين { وَهُوَ } سبحانه في ذاته { أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [ يوسف : 92 ] لأن رحم جميع الرحماء من ظل رحمته التي وسعت كل شيء . وبعد تسليمهم وعفوهم وإخزاء الرعب عن خواطرهم ، أمرهم بالذهاب إلى أبيهم المحزون ؛ ليخلص عما عليه من الحزن المفرط ، فقال : { ٱذْهَبُواْ } يا إخوتي { بِقَمِيصِي هَـٰذَا } - وهو عليه - فأخرجه ولفه بلا تنقية وغسل { فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ } أي : يرجع ويصير { بَصِيراً } بعدما كان فاقد العينين { وَ } بعد أن يصير بصيراً صحيحاً سوياً { أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ } أي : جميع ما يسنب إليكم من النسوان والذراري والخدم والحشم { أَجْمَعِينَ } [ يوسف : 93 ] . { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } أي : القافلة من عمران مصر { قَالَ أَبُوهُمْ } لمن في صحبته من المؤمنين له : { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } [ يوسف : 94 ] وتسفهوني أيها الحضار ، وتنسبوني إل نقصان العقل والخرف لصدقتموني . { قَالُواْ } أي : الحضارون : { تَٱللَّهِ إِنَّكَ } بتذكير يوسف وكثرة تحضيره ببالك { لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } [ يوسف : 95 ] أي : ضلالك الذي كنت عليه زماناً مستمراً ، وهو وإن سفهه الناس تزايد وجدانه ، ويترقى ساعة فساعة .