Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 18-22)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ } فطلبوا منه { ٱلْحُسْنَىٰ } أي : المثوبة العظمى والمرتبة العليا معتقدين إفاضتها وإعطاءها إياهم { وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ } مثل ماس استجاب أهل الحق ولم يعتقدوا مثل ما اعتقد أولئك المحقون لم ينالوا نصيبهم وحظهم { لَوْ أَنَّ لَهُمْ } ملك { مَّا فِي ٱلأَرْضِ } من الزخارف والأموال { جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ } بل أضعافه وأمثاله { لاَفْتَدَوْاْ بِهِ } لنيبل ما نالوا لكن لم ينالوا ، بل { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن عز القبول { لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ } يحاسبون على جميع ما صدر عنهم من النقير والقمطرير ويؤاخذون عليها { وَ } بالجملة : { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } الخذلان والطرد والحرمان { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [ الرعد : 18 ] مهد أولئك الضالين عن منهج الرشاد . أينكر المشرك المتمرد عن متابعتك وقبول دينك ؟ { أَفَمَن يَعْلَمُ } ويصدق { أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ } لتأييدك من الكتاب الجامع لما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي و الأمثال والرموز والإشارات هو { ٱلْحَقُّ } المطابق للواقع بلا شك وارتياب فيه { كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } عن إبصار ما يرى في الآفاق من المبصرات ، بل أشد عمى منه ؛ لأنه فاقد البصيرة ؛ إذ لا يمكن إدراك الأمور الدينية والمعارف اليقينية إلا بها { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ } ويتفطن بسرائر كتاب الله { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ الرعد : 19 ] المستكشفون عن لب الأمور ، المعرضون عن قشوره . ولا يحصل ذلك إلا بالبصيرة وهم { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } الذي عهدوا معه حين رش رشحات نور الوجود علىأراضي استعداداتهم { وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } [ الرعد : 20 ] الوثيق ، بل يحفظونه ويواظبون على حفظه دائماً . { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ } ويتصفون بعموم { مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ } من المأمورات والمرضيات والمعارف والحقائق والخصائل الجميلة والأخلاق الحميدة { أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ } عن ارتكاب المنهيات والمحظورات والذمائم من الأطوار والأخلاق { رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ } من الله وعن مخالفة أمره ومقتضى نهيه { سُوءَ الحِسَابِ } [ الرعد : 21 ] ورداءة المنقلب والمآب . { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } إذا أصابتهم مصيبة وأحاطتهم بلية { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } وطلب مرضاته ، مسترجعين إليه سبحانه ، متضرعين نحوه { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي : أداموا الميل والتوجه إليه في جميع الأحوال والأزمان { وَأَنْفَقُواْ } للفقراء المستحقين { مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } ووفقناهم وأقدرناهم لكسبها وجمعها { سِرّاً } أي : على وجه لا يشعر الفقير منفعة ؛ لئلا يتأذى بالمن والأذى { وَعَلاَنِيَةً } على وجه يعشر به ؛ لكي يبالغ المنفق في التذلل والانكسار بحيث لا يتوهم المنة أصلاً { وَ } أيضاً الذين { يَدْرَءُونَ } أي : يدفعون ويسقطون { بِٱلْحَسَنَةِ } أي : بالخصلة الحميدة والخلق المرضي { ٱلسَّيِّئَةَ } أي : الذميمة من الخصائل والأخلاق { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء الأولياء ، ذوو العهد والوفاء والخوف والرجاء ، الصابرون على البلاء ، الراضون بما جرى عليهم من سوء القضاء ، المتوجهون إلى المولى في السراء والضراء ، المنفقون لرضاه من عندهم للفقراء ، حصل { لَهُمْ } حين كانوا في النشأة الأولى { عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 22 ] الأخرى ، أي : ما يحصل فيها من اللذات والمثوبات ورفع الدرجات ونيل المرادات .