Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 23-28)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ومن جملتها : { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي : دار إقامة وخلود { يَدْخُلُونَهَا } هم أصالة واستحقاقاً { وَ } يدخل أيضاً بشفاعتهم وتبعيتهم { مَنْ صَلَحَ } لصحبتهم ورفاقهم { مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } ومن ينتمي إليهم { وَ } حين استقروا وتمكنوا فيها يزورهم { المَلاَئِكَةُ } ترحيباً وتعظيماً { يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } [ الرعد : 23 ] من أبواب الجنة . قائلين : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم } أيها الفائزون بالفلاح والنجاح { بِمَا صَبَرْتُمْ } في دار الابتلاء لأنواع المحن والبلاء { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 24 ] أي : منزلكم ومنقلبكم في دار القرار وعواقب أموركم فيها من الفرح الدائم والسرور المستمر . ثم بين سبحانه على مقتضى سنته من تعقيب عواقب حسن الأبرار بقبح أحوال الأسرار عواقبهم بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ } الذي عهدوا معه في بدء الوجود وأصل الفطرة { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } مع وثاقته وأحكامه { وَ } مع ذلك { يَقْطَعُونَ } ويتركون { مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } ويحافظ عليها { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بأنواع الفسادات من الظلم والزور والافتراء والمراء والمكابرة مع الأنبياء والأولياء ، وسوء الظن مع أرباب المحبة والولاء { أُوْلَـٰئِكَ } المعزولون عن ساحة عن القبول { لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } أي : الطرد والحرمان والرد والخذلان في النشاة الأولى { وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } [ الرعد : 25 ] ورداءة المرجع والمآب في النشأة الأخرى . ثم لما افتخر أهل مكة بما عندهم من الأمتعة والزخارف وبأهوائها ، واستحقوا فقراء المؤمنين وشنعوا عليهم ، ردَّ عليهم بكلام ناشئ عن محض الحكمة فقال : { ٱللَّهُ } المطلع لاستعدادات عباده { يَبْسُطُ } أي : يكثر ويوسع { ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ } من عباده في النشأة الأولى { وَيَقَدِرُ } أي : يقبض وينقص على من يشاء إرادة واختبار ؛ حمكة منه وتدبيراً { وَ } هم بمفاخرهم ومباهاتهم بحطام الدنيا قد { فَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } المستعارة التي لا قرار لها ولا ثبات بل { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } وما يترتر عليها من اللذات الفانية والمشتهيات الغير الباقية { فِي } جانب حياة { ٱلآخِرَةِ } وما يترتب عليها من اللذات الدائمة والمئويات الباقية { إِلاَّ مَتَاعٌ } [ الرعد : 26 ] قليل حقير ، لائق به ولا يلتفت إليه . { وَ } من خبث طينتهم ورداءة فطرتهم { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بك وبكتابك وبدينك : { لَوْلاَ } أي : هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ } ملجئة لإيماننا { مِّن رَّبِّهِ } مع أنه يدعي التأييد منه ، ومع شغفه لإيماننا { قُلْ } لهم : ما عليَّ إلا البلاغ { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائر عباده { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } على مقتضى علمه وعدله لمن اراد إضلاله وانتقامه { وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ } على مقتضى جوده { مَنْ أَنَابَ } [ الرعد : 27 ] إليه من ظهر القلب ؛ إذ كلي ميسر لما خلق له . { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ } أي : تسكن وتستقر من دغدغة التقليد الباطل والتلوين المضمحل الزائل { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } الواحد الأحد ، المستقل في الوجود بلا اضطراب وتعدد وتردد ، فقد اضمحلت وتلاشت عن صحائف خواطرهم نقوش الاعتبار والسوى مطلقاً { أَلاَ } أيها الطالبون إلى مرتبة الكشف و الشهود { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } المسقط للإضافات { تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] وتتمكن في مقام الحضور وتستريح عن تشاويش الأوهام .