Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 32-35)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لا تحزن يا أكمل الرسل من استهزائهم وسخريتهم معك ، ولا تبال بعمههم وسكرتهم وبطرهم واستهتارهم بمالهم وجاههم { وَ } الله { لَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } أشد من اسهتزاء هؤلاء معك { فَأَمْلَيْتُ } وأملهت { لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : المستهزئين الذين كفروا حتى انهمكوا في الغفلة وتوغلوا فيها بطرين فرحين { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } فجأة واستأصلتهم بغتة { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } [ الرعد : 32 ] مع أولئك ؟ ومع هؤلاء أشد من ذلك . ثم قال سبحانه : { أَ } ينسى الحساب وتيرك العقاب { فَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ } أي : مطلع محاسب ورقيب حافظ { عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ } من النفوس الخيرة والشريرة ليحيط { بِمَا كَسَبَتْ } إن خيراً فخير وإن شراً فشر { وَ } لا سيما الشر الذب { جَعَلُواْ لِلَّهِ } الأحد المنزه عن الشريك والولد { شُرَكَآءَ } فوق واحدة من أظلاله ومصنوعاته ، مع أنه سبحانه تعالى عن ذلك علواً كبيراً { قُلْ } لهم تبكيتاً عليهم وإلزاماً لهم : { سَمُّوهُمْ } أي : تلك الشركاء باسماء ، وصفوهم بصفات يستحقون بها الألوهية والربوبية { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ } وتخبرونه { بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ } أي : بأسماء وصفات لا يعلمها في الأرض ، بل لا يعلمها في السماء { أَم } سموهم { بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ } مجازاً بلا اعتبار المعنى الحقيقي فيهم ، وبالجملة : هم عاجزون عن الكل ساكتون عنها { بَلْ } إنما { زُيِّنَ } وحسن { لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأشركوا { مَكْرُهُمْ } أي : تمويههم وتلبيسهم مع علمهم ببطلانها { وَ } مع ذلك { صُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي : قصدوا إعراض ضعفاء المؤمنين عن طريق الحق ، ما هو إلا من غيهم وضلالهم في أصل فطرتهم { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } وأراد إضلاله { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [ الرعد : 33 ] يهديهم ويوفقهم إلى سبيل الرشاد . بل { لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بغفلتهم عن معرفة الله واللذات الروحانية مع عدم شعورهم بها { وَ } الله { لَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } حين انكشف الحال وارتفع الحجب { أَشَقُّ } وأصعب { وَ } كيف لا يكون عذاب الآخرة أشق ؛ إذ { مَا لَهُم } فيها { مِّنَ ٱللَّهِ } أي : عذابه وانتقامه { مِن وَاقٍ } [ الرعد : 34 ] أي : حافظ شفيع يشفعهم ليخفف عنهم ويحفظهم من عذابه . ثم قال سبحانه على مقتضى سنته من تعقيب الوعيد بالوعد : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } المتحفظون نفوسهم عن ارتكاب المعاصي والآثام ، المتمثلون بما أُمروا من العقائد والأحكام { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } لإجرائهم أ ، هار المعارف والحقائق على أراضي استعداداتهم ؛ لإنبات ثمرات الكشوف والشهود { أُكُلُهَا } من الرزق المعنوي والأغذية الروحانية { دَآئِمٌ } غير منقطع { وِ } كذا { ظِلُّهَا } الذي تستريحون فيه دائم غير زائل ، لا انقطاع لها أصلاً كأظلال الدنيا { تِلْكَ } الجنة التي وصفت بما وصفت { عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي : عاقبة أمر المؤمنين الذين اتقوا عن محارم الله { وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على ارتكاب الم عاصي والشهوات البهيمية { ٱلنَّارُ } [ الرعد : 35 ] المعدة لهم بدل لذاتهم وشهواتهم السيئة .