Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 59-73)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِلاَّ آلَ لُوطٍ } أي : أهل بيته ، ومن آمن له { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 59 ] لكونهم معصومين مطيعين . { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } المجرمة العاصية { قَدَّرْنَآ } بإعلام الله وإذنه إياه علينا { إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [ الحجر : 60 ] الباقين مع الكفرة الهالكين ؛ لكونها باقية على اعتقادهم وعنادهم . { فَلَمَّا جَآءَ } ودخل على طريق الضيفان { آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } [ الحجر : 61 ] المرد الصباح الملاح . { قَالَ } لوط : { إِنَّكُمْ } أيها الضيفان { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } [ الحجر : 62 ] أخاف عليكم من قومي وسوء فعالهم ، وقبح ديدنتهم وعادتهم ، مع أني أخاف من جئتكم أيضاً على هذا الوجه ، بحيث لا أرى عليكم أمارات البَشَر . { قَالُواْ } أي : المرسلون له : لا تخف لا علينا ولا منا ؛ إذ ما جئتنا لتخويفك وتوحيشك { بَلْ جِئْنَاكَ } لنسرك ونؤيدك ، وننصرك على أعدائك { بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } [ الحجر : 63 ] أي : بإثبات ما يشكّون فيه ويترددون ، بل يكذبونك فيه مراء ، وهو العذاب الذي توعدتَ لهم ، وادعيتَ نزوله عليهم ، وهم يشكّون فيه . { وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } [ الحجر : 64 ] فيما قلنا لك . والآن وقت إنجاز ما وعد الله لك من إنزال العذاب عليهم { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } أي : سر واذهب معهم { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ } أي : في طائفة من آنات الليل وساعاته ، فقدمهم أمامك { وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ } وأثرهم ، والعذابُ منزل عليهم عقيب خروجك بلا تراخ ، وإذا كانوا خلفك أصابتهم منه { وَ } بعدما خرجتم إليهم من بينهم { لاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } خلفه ، ولا ينظر إلى ما وراءه حتى لا يصيبه ما أصابهم ، ولا بهوله ولا بفزعه { وَٱمْضُواْ } أيها المأمورون { حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } [ الحجر : 65 ] . { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ } أي : حكمنا على لوط بالوحي إليه { ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } الفظيع الهائل ، وهو { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ } يعني : إن عواقب هؤلاء المسرفين المفرطين مقطوعة مستأصلة بالمرة ، حال كونهم { مُّصْبِحِينَ } [ الحجر : 66 ] أي : حين دخول الصباح عليهم . { وَ } بعدما بلغ الرسل إلى لوط ما جاءوا به من قِبَل الحق { جَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الحجر : 67 ] وهي سَدُوم ، بأضياف لوط ، ويستحسنوهم طامعين وقاعهم مسرعين حول بيته . { قَالَ } لهم لوط على مقتضى شفقة النبوة ، وإن كان الأمر عنده مقضياً محتماً بلا تردد : { إِنَّ هَؤُلآءِ } المسافرين { ضَيْفِي } نزلوا في بيتي { فَلاَ تَفْضَحُونِ } [ الحجر : 68 ] بإساءتهم ؛ لأن إساءتهم وتفضيحهم عين إساءتي وتفضيحي . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } عن ارتكاب محظوراته ، والركون إلى محرماته { وَلاَ تُخْزُونِ } [ الحجر : 69 ] ولا تخجلوني منهم ؛ إذ فعتلكم هذه معهم مسقطة للمروءة بالمرة . { قَالُواْ } في جوابه : أتنهانا اليوم عنهم كما نهيتنا عن أمثالهم فيما مضى { أَوَ لَمْ نَنْهَكَ } من قبل ألاَّ تمنعنا { عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [ الحجر : 70 ] وكن في نفسك زكياً ظاهراً مهذباً ، ما لك معنا وخبيثنا ؟ ! . ثمَّ بالغوا في الإصرار والعناد { قَالَ } لهم لوط : { هَؤُلآءِ } النسوان { بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } [ الحجر : 71 ] فهو أولى بكم ، وأظهر لقضاء وطركم . { لَعَمْرُكَ } يا أكمل الرسل { إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ } المنبعثة من شهوتهم المفرطة ، المحيرة المدهشة لعقولهم { يَعْمَهُونَ } [ الحجر : 72 ] ويهيمون إلى حيث لا يسمعون نصحه ، فكيف يقبلونه ويفهمون ؟ ! . ولما لم ي تركوا الفضيحة ، ولم يقبلوا النصيحة { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة المهلكة وقت الصبيحة ، حال كونهم { مُشْرِقِينَ } [ الحجر : 73 ] داخلين وقت شروق الشمس .