Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 118-121)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما ظهر واشتهر أن القرآن ناسخ للكتب السالفة مع كونه مصدقاً لها ، ناطقاً بأنها منزلة من عند الله على الرسل الماضين الهادين إلى طريق الحق ، وأن حكم الناسخ ماضٍ باقٍ ، وحكم المنسوخ مضى ولم يبق أثره ، مع أن كلا منهما حكم الله في زمانين { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } لا يعرفون ظهور الله وتجلياته بحسب أسمائه الحسنى وصفاته العليا في كل آنٍ وشأنٍ : لا نقبل هذ الحكم ولا نؤمن به { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ } مشافهة ، بأن هذا ناسخ راجح وذاك منسوخ مرجوح { أَوْ تَأْتِينَآ } على الله من يدعي الرسالة { آيَةٌ } ملجئة تدل على هذا الحكم بلا احتمال آخر ، ولولا هذا ولا ذاك لم نقبله ولم نؤمن به ، ولا تستبعد يا أكمل الرسل منهم هذا القول ؛ إذ { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ } كفروا للأنبياء الماضين { مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ } بلا تفاوتٍ بل { تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } المنكرة المخمرة لهذه الأباطيل ، المموهة مع أنا { قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ } المنزلة الدالة على توحيدنا { لِقَوْمٍ } ذوي قلوبٍ صافيةٍ عن كدر الإنكار { يُوقِنُونَ } [ البقرة : 118 ] بها سواء الآيات الظاهرة على الآفاق والأنفس ، وهم لا نهماكهم في كدر الإمكان والإنكار لا يرجى منهم الإيمان والإقرار . { إِنَّا } من مقام جودنا { أَرْسَلْنَاكَ } يا أكمل الرسل ملتبساً { بِٱلْحَقِّ بَشِيراً } إلى طريقه { وَنَذِيراً } عن طريق الباطل { وَ } وإن لم يبششروا ولم ينذروا بعدما بلغت إليهم التبشير والإنذار { لاَ تُسْأَلُ } أنت { عَنْ } إعراض { أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } البقرة : 119 ] المجبولين على الكفر والعناد . { وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ } بمجرد المؤانسة وإظهار المحبة وإرخاء العنان { حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } التي ادعوا حقيتها وهدايتها ، بل حصروا الهداية عليها { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً على وجه التذكير النصح : { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } الذي يهدي به عباده { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } النازل من عنده ، وهو دين الإسلام ، فاتبعوه لتهتدوا { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ } يا أكمل الرسل ، ومن تبعك بعد يأسكم في اتباعهم بكل { أَهْوَآءَهُمْ } الباطلة { بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } من لدنا على هدايتك وإهداء من تبعك { مَا لَكَ مِنَ } عند { ٱللَّهِ } الهادي للكل إلى سواء السبيل { مِن وَلِيٍّ } يحفظك من الضلال { وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة : 120 ] يدفع عنك المكاره . قال سبحانه : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } واصطفيناهم من بين الأمم بإرسال الرسل ، وهم { يَتْلُونَهُ } أي : الكتاب ، متأملاً متدبراً مما يشتمل عليه من الأمور والنواهي والمعارف والحقائق ، مراعياً { حَقَّ تِلاَوَتِهِ } بلا تحريف ولا تبديل { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } وبما فيه من الأحكام والآيات والأخبار { وَمن يَكْفُرْ بِهِ } بتحريفه أو تبديله إلى ما تهوى أنفسهم { فَأُوْلَـٰئِكَ } المحرفون المغيرون كتاب الله لمصلحة نفوسهم { هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } [ البقرة : 121 ] الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة بسبب تحريف كتاب الله وتبديله .