Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 148-152)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } اعلموا أن { لِكُلٍّ } أي : لكل من أفراد الأمم { وِجْهَةٌ } مقصد وقبلة معينة من الأوصاف والأسماء الإلهية { هُوَ مُوَلِّيهَا } بحسب اقتضائها وغلبتها { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي : بادروا أيها المحمديون إلى منشأ جميع الخيرات ، ومنبع جميع المبرات الناشئة من الأسماء والصفات ، وهو الذات المستجمع لجميعها { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ } من مقتضيات الأوصاف { يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ } الجامع لها { جَمِيعاً } مجتمعين بعد رفع التعينات الناشئة من الصفات { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي بالأوصاف { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من المظاهر المتعينة المتكثرة بحسب المبدأ والمظاهر { قَدِيرٌ } [ البقرة : 148 ] على رفع التعينات المسقطة لجميع الكثرات بحسب المعاد والباطن . { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } يا أكمل الرسل من مقتضى كعبة الذات يغلبه حكم بعض الصفات { فَوَلِّ وَجْهَكَ } منها متذكراً { شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } المحرم للتوجيه إلى السوى والغير { وَإِنَّهُ } أي : شأن التوجه نحوه { لَلْحَقُّ } الثابت النالز { مِن رَّبِّكَ } الذي رباك بمقتضى جميع أوصافه وأسمائه { وَ } اعلم أنه { مَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ البقرة : 149 ] أنت ومن تبعك ، وعلى مقتضى علمه تثابون . { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } عن مقتضى توحيد الذات بتكثير بعض المظان وترك ما يستقبلونه { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } الجامع لجميع المظاهر { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ } أيها المؤمنون { فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } اقتداء لرسولكم { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ } المعرضين { عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } غلبة بادعائكم التوحيد الذاتي ، وإخراجكم بعض المظاهر { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } ينفي ذات الله وصفاته ، وهم الدهريون القائلون بوجود الطبائع بلا فاعل خارجي ، فإنهم لا يفحمون ولا يلزمون بأمثاله { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } أي : فلا تخافوا منهم في التوجه إلى الكعبة الحقيقية { وَٱخْشَوْنِي } في عدم التوجه حتى لا تحرموا عن مقتضيات بعض الأوصاف { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي } الواصلة بحسب أوصافي وأسمائي { عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [ البقرة : 150 ] إلى ذاتي بسببها . ومن إتمام نعمنا إياكم أنا هديناكم إلى جهة الكعبة الحقيقية ، وأمرناكم بالتوجه نحوها { كَمَآ أَرْسَلْنَا } من مقام جودنا { فِيكُمْ رَسُولاً } هادياً لكم نائشاً { مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ } أولاً { آيَاتِنَا } آثار صفاتنا الدالة على وحدة ذاتنا { وَ } ثانياً : { يُزَكِّيكُمْ } { وَ } ثالثاً : { يُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ } الموضح للدلائل والآيات المبين للآراء والمعتقدات { وَ } رابعاً : يظهر لكم { ٱلْحِكْمَةَ } الموصلة إلى توحيد الذات { وَ } بعد ذلك { يُعَلِّمُكُم } من الحقائق والمعارف { مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 151 ] لولا إرشاده وإرساله . وإذا أنعمنا عليكم بهذه النعم العظام وأتممناها لكم { فَٱذْكُرُونِيۤ } أيها المؤمنون بالميل الدائم والتوجه الصادق { أَذْكُرْكُمْ } بنفساتٍ رحمانيةٍ ونسماتٍ روحانيةٍ { وَٱشْكُرُواْ لِي } بإسناد النعم إلي { وَلاَ تَكْفُرُونِ } [ البقرة : 152 ] بإسنادها إلى الوسائط والأسباب .