Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 153-157)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم إنه لما بالغ سبحانه في التنبيه والإرشاد ، وناداهم رجاء أن يتنبهوا مع أن فطرتهم الأصلية على التوحيد الذاتي ، فقال : { يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الذات { ٱسْتَعِينُواْ } لتحققه وانكشافه { بِٱلصَّبْرِ } على ما جرى عليكم من الحوادث المنفرة لنفوسكم { وَٱلصَّلاَةِ } أي : الميل والتوجه إلى جنابه لجميع الأعضاء والجوارح { إِنَّ ٱللَّهَ } المعبر به عن الذات الأحدية { مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } [ البقرة : 153 ] المتحملين للبلاء لو كوشفوا . رب اجعلنا منه بفضلك وكرمك . { وَ } مما يستعان فيه بالصبر إلى أن ينشكف سترة : الجهاد لذلك { لاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ } طالباً الوصول إلى بابه { أَمْوَاتٌ } كالأموات الأخر { بَلْ أَحْيَاءٌ } بحية الله الأزلي السرمدي { وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } [ البقرة : 154 ] بحياتهم بحياتكم المستعارة المستهلكة في الحياة الأزلية ، بل هي عكس منها موت في نفسها . { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } والله لنختبرن ولنجربن تمكنكم ورسوخكم في توحيد الذات { بِشَيْءٍ } قليلٍ مما يشعر بالكثرة والاثنينية { مِّنَ ٱلْخَوْفِ } الحاصل من المنفرات الخارجية : مثل الحرق والغرق والعدو وغير ذلك { وَٱلْجُوعِ } الحاصل من المنفرات الداخلية ، كالحرص والأمل والبخل وغيرها { وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ } التي يميل قلوبكم إليها بالطبع { وَٱلأَنفُسِ } التي تظاهرون وتفتخرون بها من الأولاد والإخوان والأقارب والعشائر { وَٱلثَّمَرَاتِ } المرتبة على الأموال والأولاد من الجاه ، والمظاهرة في الغلبة على الخصماء { وَبَشِّرِ } يأ اكمل الرسل { ٱلصَّابِرِينَ } [ البقرة : 155 ] من أهل التوحيد وهم : { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ } بلسان الجمع : { إِنَّا } ظلال { للَّهِ } الواحد الأحد المتجلي بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا في النشأة الأولى { وَإِنَّـآ } بعد رجوعنا في النشأة الأخرى { إِلَيْهِ } لا إلى غيره من الأظلال { رَاجِعُونَ } [ البقرة : 156 ] عائدون صائرون رجوع الظل إلى ذل ظل . { أُولَـٰئِكَ } السعداء المتمكنون في مقر التوحيد المنزهون عن الإطلاق والتقييد { عَلَيْهِمْ } لا على غيرهم من أصحاب المراتب { صَلَوَاتٌ } ميول وتوجيهات متشبعة من بحر الذات ، جارية من جداول الأوصاف والأسماء إلى فضاء الظهرو ؛ لإنبات المعارف والحقائق الموصلة إلى النعيم الدائم السرمدي واللذة المستمرة الأبدية ، نازلة لهم دائماً { مِّن رَّبِّهِمْ } الذي أوصلهم إلى مقر عزه { وَرَحْمَةٌ } شاملة لهم ولغيرهم من سعتها { وَأُولَـٰئِكَ } الواصلون { هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } [ البقرة : 157 ] إلى المبدأ الحقيقي والمنزل الأصلي .