Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 158-162)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما نبه سبحانه إلى الكعبة الحقيقية بالكعبة الصورية ، أراد أن ينبه على علاماتها بعلاماتها : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ } أي : الظاهر والباطن { مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } وعلامات توحيجه { فَمَنْ حَجَّ } قصد { ٱلْبَيْتَ } الممثل من المنزل الحقيقي والمرجع الأصلي على الوجه المفروض { أَوِ ٱعْتَمَرَ } على الوجه المسنون قاصداً فيه التوجه إلى الذات الأحدي ، معرضاً عن العلائق المانعة منه { فَلاَ جُنَاحَ } لا تعب ولا ضيق { عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } أي : يسعى بينهما ، معتقداً ارتباطهما إلى أن ينكشف باتحادهما { وَمَن تَطَوَّعَ } توجه نحوه { خَيْراً } زائداً على ما أمر وفرض { فَإِنَّ ٱللَّهَ } الميسر له { شَاكِرٌ } راضٍ بفعله { عَلِيمٌ } [ البقرة : 158 ] بحاله . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } يسترون { مَآ أَنزَلْنَا } في التوراة { مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } الدالة على ظهور من يغلب عليه توحيد الذات { وَٱلْهُدَىٰ } المشير إلى أنه مبعوث إلى كافة البرايا ، ناسخ لجميع الأديان ؛ إذ به يتم أمر التكميل ولا بعثه بعد ظهوره ، بل ختم به صلى الله عليه وسلم أمر الإرسال والإنزال والتديين والتشريع ، والحال أن كتمانهم { مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ } أوضحناه بلا ستره { لِلنَّاسِ } الناظرين { فِي ٱلْكِتَابِ } أي : التوراة { أُولَـٰئِكَ } الكاتمون المفرطون { يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ } أي : يطردهم ويبعدهم عن عز حضوره لخروجهم عن اعتدال العبودية بكتمان ما أراد الله ظهوره { وَيَلْعَنُهُمُ } أيضاً { ٱللاَّعِنُونَ } [ البقرة : 159 ] المتمتعون باعتدال العبودية المستقيمون على ما أمروا بقدر وسعهم . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } رجعوا منهم عن الكتمان ، وأظهروا ما ظهر لهم في كتابهم { وَأَصْلَحُواْ } بإظهار ما أفسدوا بالكتمان { وَبَيَّنُواْ } ما بينه الله في كتابه من وصف نبيه المبعوث المرسل إلى كافة الأمم { فَأُوْلَـئِكَ } التائبون منهم ، المصلحون المبينون ما ظهر لهم في كتابهم { أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } قبل توبتهم واتجاوز عن سيئاتهم { وَأَنَا التَّوَّابُ } الرجاع لهم عما جرى عليهم من العصيان والكفر { الرَّحِيمُ } [ البقرة : 160 ] لهم بعدما رجعوا إلي مخصلين . ثم قال : { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا } بكتمان ما بين الله في كتابه { وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ } كاتمون { أُولَئِكَ } المصرون المعاندون في أمر الكتان بعد الظهور مكابرة ، وتنزل { عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } طرده وتبعيده دائماً مستمراً منحصراً عليهم ، غر منفكٍ عنهم على ما يقتضيه حال الجلمة المعبر عنها بخلاف اللعن السابق { وَ } تنزل عليهم أيضاً لعنة { ٱلْمَلاۤئِكَةِ } المستغفرين لمن تاب { وَ } أيضاً لعنة { ٱلنَّاسِ } العارفين لحقوق الله المتحققين بآدابه المعتكفين ببابه { أَجْمَعِينَ } [ البقرة : 161 ] مجتمعين عليها دائماً لخروجهم عن ربتة العبودية . { خَالِدِينَ فِيهَا } بحيث { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ } المترتب عليها لحظة ليتنفسوا { وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } [ البقرة : 162 ] يمهلون ساعة ليعتذروا .