Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 38-42)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما تلقناه الكلمات التي تاب بها وقبلنا عنه توبته ، أخرجناه من اليأس والقنوط وأطمعناه الرجوع إلى الجنة بأن : { قُلْنَا } له ولذريته المتفرعة عليه ، منبهين عليهم طريق الرجوع { ٱهْبِطُواْ } الزموا مكان الهبوط ، واستقروا عليها حال كونكم خارجين { مِنْهَا جَمِيعاً } ومن الجنة ، وترقبوا دخولها بإذن منا { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم } أيها المترقبون { مِّنِّي } لا غيري { هُدًى } من وحي وإلهام ، وهو علامة إذني ودليل رضاي برجوعكم { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ } ومن رجع إلي به { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } في المراجعة إلى المقام الأصلي { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ البقرة : 38 ] بعد رجوعهم إليها بل كما بدأكم تعودون . { وَٱلَّذِينَ } لم يرتبقوا الرجوع ، ونسوا ما هم عليه في الجنة ولم يلتفتوا إلى الهدى المؤتى ، و { كَفَرواْ } به وأنكروا له { وَكَذَّبُواْ } رسلنا الذين أتوا إياهم { بِآيَٰتِنَآ } دلائلنا الدالة على صدقهم من المعجزات الظاهرة ، والآثار الباهرة { أُولَـٰئِكَ } الهابطون الناسون والموطن الأصلي والمقام الحقيقي ، المستبدلون عن الجنة بعرض هذا الأدنى ، والكافرون بطريق الحق ، والمكذبون بمن يهديهم { أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ } التي هي معدن البعد والخذلان ، ومنزل الطرد والحرمان { هُمْ } بسبب نسيانهم وتكذيبهم { فِيهَا خَٰلِدُونَ } [ البقرة : 39 ] إلى ما شاء الله . ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب . ثم لما بين سبحانه وتعالى طريق الهداية والضلال ، ونبه على جزاء كل منهما إجمالاً ، أشار إلى تفصيله وتوضيحه من قصص القرون الماضية والأمم السالفة ، ليتيقن المؤمنين منها ومن جملتها قصة ندائه تعالى بني إسرائيل أولاد يعقوب إسرائيل الله ، مخاطباً لهم أمر تذكرهم بالنعم التي أنعمها عليهم ؛ ليكونوا من الشاكرين لنعمه ، الموفين بعهده بقوله : { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ } المتنعمين بالنعم الكثيرة { ٱذْكُرُواْ } واشكروا { نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } وعلى من استخفلكم من أسلافكم { وَأَوْفُواْ } بعد اعتدادكم النعم على أنفسكم { بِعَهْدِيۤ } الذي عاهدتم معي من متابعة الهدى النازل مني على لسان الأنبياء { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } من إرجاعهم إلى المقام الأصلي الذي أنتم فيه قبل هبوطكم إلى طار المحن ، وبعد رجوعكم إليه في النشأة الأخرى ، لا يبقى لكم خوف من الأغيار ، بل رهبة من سطوة سلطنتي { وَ } عند عروجها { إِيَّٰيَ } لا إلى غيري { فَٱرْهَبُونِ } [ البقرة : 40 ] فارجعون ؛ لأوانس معكم وأزيل رهبتكم . { وَ } علامة وفائكم بعهدي هي الإيمان { آمِنُواْ } على وجه الإخلاص والإيقان { بِمَآ أَنزَلْتُ } من فضلي على كل واحدٍ من رسلي بالقرآن المنزل على الحضرة الختمية الخاتمية ، المؤيد بالدلائل القاطعة والحجج الساطعة والمعجزات الباهرة ، والآيات الظاهرة مع كونه { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } من الكتب المنزلة على الأنبياء الماضين ، مشتملاً على ما فيها من الأحكام والقصص والمواعظ والحقائق مع لطائف أخر خلت عنها جميعها ، وبعد ظهور المنزل به وادعاء من أنزل عليه الرسالة والإهداء { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي : لا تكونوا مبادرين على الكفر بالمهدي وما هدى به ، بل كونوا أول من آمن به وصدق بما جاء به من عند ربه ، فانتهزوا الفرصة للإيمان ولا تغفلوا عنه { وَ } بعد نزوله وظهوره { لاَ تَشْتَرُواْ } ولا تستبدلوا { بِآيَٰتِي } المنزلة على أنبيائي { ثَمَناً قَلِيلاً } من المزخرفات الفانية { وَ } إن عسر عليكم ترك هذا الاستبدالا لميل نفوسكم إليه بالطبع { إِيَّٰيَ } عند عروض ذلك { فَٱتَّقُونِ } [ البقرة : 41 ] لأحفظكم عنه وأسهله عليكم . { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ } الظاهر الثابت { بِٱلْبَٰطِلِ } الموهوم الزخرف للضعفاء الذين تمييز لهم { وَ } لا { تَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } أيضاً في نفوسكم { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 42 ] حقيقته عقلاً وسمعاً .