Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 6-10)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه جرياً ، بل على مقتضى سنته من تعقيب الوعد بالوعيد : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ستروا الحق وأعرضوا عنه ، وأظهروا الباطل وأصروا عليه عناداً واستكباراً ، لا ينفعهم إنذارك وعدمه بل { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ البقرة : 6 ] بك وبكتابك ؛ لأنهم هم . { خَتَمَ ٱللَّهُ } المحيط بذواتهم وأوصافهم وأفعالهم { عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } لئلا يكونوا من أرباب المكاشفات { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } لئلا يكونوا من أصحاب المجاهدة { وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ } لئلا يكونوا من أرباب المشاهدة { غِشَاوَةٌ } ستر عظيم لا يمكنك رفعه بل { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } [ البقرة : 7 ] هو عذاب الطرد والبعد ؛ إذ لا عذاب أعظم منه ، أولئك الأشقياء البعداء عن ساحة الحضور ، هم الضالون في تيه الحرمان ، الباقون في عظلمة الإمكان ، أعاذنا الله من ذلك . { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } الذين نسوا العهود السابقة التي عهدوا في الفطرة الأصلية { مَن يَقُولُ } قولاً لا يوافق اعتقادهم ، وهو أنهم يقولون تلبيساً ونفاقاً : { آمَنَّا } أذعنا { بِٱللَّهِ } أي : الذي أنزل علينا الكتاب وإنك الرسول { وَ } وأيقنا { بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } الموعود بجزاء الأعمال { وَ } الحال أنهم { مَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } [ البقرة : 8 ] موقنين بهما في بواطنهم ، بل غرضهم من هذا التلبيس في زعمهم الفاسد أنهم : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } المحيط بجميع أحوالهم مخادعتهم مع آحاد الناس ، تعالى عن ذلك { وَ } يخادعون الموحدين { ٱلَّذِينَ آمَنُوا } بإحاطة الله بتوفيقه وإلهامه ؛ حفظاً لدمائهم وأموالهم منهم { وَ } هم { مَا يَخْدَعُونَ } بهذا الخداع { إِلاَّ أَنْفُسَهُم } لأن الله ومن هو في حمايته أجل من أن ينخدع منهم ، فهم بهذا الخداع ما يخدعون إلا أنفسهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } [ البقرة : 9 ] بخداعهم ؛ لأن : { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } غطاء مختوم على قلوبهم لا ينكشف إلا بكتاب الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولما لم يؤمنوا به ولم يلتفتوا إليه بل كذبوا رسوله المنزل عليهم { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } إحكاماً لختمه وتأكيداً لحكمه { وَلَهُم } في يوم الجزاء { عَذَابٌ } هو إبعادهم وطردهم عن ساحة عز الحضور { أَلِيمٌ } مؤلم بسبب تقريب المؤمنين إلى دار السرور جزاء { بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } [ البقرة : 10 ] ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم خداعاً .