Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 42-46)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وإن أنكروا إلمام العذاب وإنزاله عليهم { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل نيابة عنَّا : { مَن يَكْلَؤُكُم } ويحفظكم { بِٱلْلَّيْلِ } وقت فراغكم ومنامكم { وَٱلنَّهَارِ } وقت شغلكم وترددكم { مِنَ } نزول العذاب عذاب { ٱلرَّحْمَـٰنِ } القادر على أنواع القهر والانتقام بمقتضى جلاله ، لو لم يرحم عليكم بمقتضى لطفه وجماله ، لكن يرحم عليكم ، فلم يعذبكم رجاء أن تنتبهوا وتواظبوا على شكر نعمه ، وأداء حقوق كرمه { بَلْ هُمْ } من شدة غفلتهم وسكرتهم { عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ } الذي يحفظهم عن أنواع المكروهات والمؤذيات { مُّعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 42 ] لا يتوجهون نحوه ولا يلازمون عبادته ولا يداومون شكره . { أَمْ } يزعمون أولئك المصرون المسرفون أن يدفعوا عذابنا النازل لهم بقوة نفوسهم { لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ } أي : تمنع عنهم العذاب مع أهم { مِّن دُونِنَا } شركاء لنا في الألوهية والربوبية كما زعموا ، وتشفعه لهم عندنا ، كلا وحاشا أن يسع لآلهتهم هذا ؛ إذ { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } أولئك التماثل الهلكى { نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ } لا يقدرون لدفع ما لحقهم ونزلَ عليهم من المكروهات فكيف عن غيره ؟ { وَلاَ هُمْ } أي : آلهتهم { مِّنَّا يُصْحَبُونَ } [ الأنبياء : 43 ] ويقربون حتى يشفعوا لهم ، ويدفعوا عذابنا عنهم بواسطة قربتهم وصبحتهم معنا ، وإن خيلوا أن إمهالنا إياهم وآباءهم متنعمين مترفهين طول أعمارهم أمارة عدم أخذنا إياهم وانتقامنا منهم ، إنما هو خيال باطل ، ووهم زائغ زائل مما سولت لهم أنفسهم بتغرير إبليس عليهم . { بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ } المسرفين المعاندين { وَآبَآءَهُمْ } الضالين المستكبرين { حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } فارتكبوا أنواع المعاصي والآثام مدة حياتهم فظنوا أنهم مصونون عن الأخذ والانتقام ، ونزول العذاب والنكال { أَ } يتوهمون من إمهالنا إيام هذا الموهوم { فَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا } من مقام قهرنا وانتقامنا إياهم { نَأْتِي ٱلأَرْضَ } أي : نبعث ونغلب جنود المسلمين على أرض الكفرة بحيث { نَنقُصُهَا } ونخربها مبتدئين { مِنْ أَطْرَافِهَآ } إلى أن وصل إلى أقاصيها { أَ } يزعمون ويتوهمون بعد أخذنا في تخريبه أطراف بلادهم وتنقيصها { فَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الأنبياء : 44 ] على جنودنا وجنود أنبيائنا ورسلنا ، ما هو إلا زعم فاسد ، فإن ادعوا أنا وآباؤنا دائماً مستمراً في كنف حفظ الله وجوار صونه من أعمارنا ، فمن أين تخوفنا وتنذرنا أنت من إنزال الله العذاب علينا بغتة مع أنه لم يعهد لنا ولا لآبائنا منه تعالى أمثال هذا . { قُلْ } يا أكمل الرسل في جوابهم : { إِنَّمَآ أُنذِرُكُم } أي : ما أنذركم وأخوفكم من تلقاء نفسي بل { بِٱلْوَحْيِ } المنزل عليّ من عند الله ، المشتمل على إنذاركم وتخويلكم . ثم قال سبحانه توبيخاً عليهم وتقريعاً : { وَ } كيف يرشدكم ويهديكم الرسول المنزل إليكم ، المؤيد بالآيات والمعجزات أيها المقصرون على الصمم الحقيقي والإعراض الفطري الجبلي إذ { لاَ يَسْمَعُ } الرسولُ { ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ } والذكرَ المتضمنَ لأنواع الهداية والرشاد ، ولا يسع له إسماعكم { إِذَا مَا يُنذَرُونَ } [ الأنبياء : 45 ] أي : إلا وقت قابليتكم والتفاتكم إلى الإنذار والتخويف ، وأنتم من شدة صممكم وقسوتكم خارجون عن قابلية الإنذار والإرشاد والوعد والوعيد . { وَ } اللهِ يا أكمل الرسل { لَئِن مَّسَّتْهُمْ } وظهرت عليهم { نَفْحَةٌ } واحدة مني ورائحة قليلة { مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ } نازلة على سبيل المقدمة والأنموذج { لَيَقُولُنَّ } مصرخين صائحين متضرعين معترفين بذنوبهم قائلين : { يٰويْلَنَآ } وهلاكنا تعالى { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء : 46 ] خارجين عن حدود الله مستوجبين للمقت والهلاك ، أدركنا فقد حان حينك وقرب أوانك .