Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 7-11)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } إن أنكروا رسالتك يا أكمل الرسل معلِّلين بأنك بشرُ مثلهم ، والبشر لا يكون رسولاً ، قل لهم نيابة عنَّا : { مَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ } رسولاً على أمةٍ من الأمم الماضية { إِلاَّ } أرسلنا { رِجَالاً } منهم لا نساءً ، كاملاً في الرجولية والعقل ، بالغاً نهاية الرشد والتكميل { نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } مثلما أوحينا إليك ؛ ليرشدوا الناس إلى توحيدنا ، ويوقظوهم من منام الغفلة ، ويهدوهم إلى الصلاح ، والفوز بالفلاح ، وإن أنكروا هذا قل لهم : { فَاسْئَلُوۤاْ أَ } أيها المنكرون { هْلَ ٱلذِّكْرِ } أي : العلم والخبرة من أحبارهم وقسيسكم من المشتغلين لحفظ التوراة والإنجيل وسائر الكتب الإلهية { إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأنبياء : 7 ] أيها الجاهلون المكابرون . { وَ } إن أنكروا رسالتك معللين بأنك تأكل وتشرب مثلهم ، والرسول لا بدَّ ألاَّ يأكل ولا يشرب مثل سائر الناس ، قل لهم أيضاً نيابةً عنَّا : { مَا جَعَلْنَاهُمْ } أي : الرسل الماضين { جَسَداً } أي : أجراماً وأصناماً { لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } بدل ما يتخلل من أجزائهمن ولا يشربون الشراب المحلّل لغذائهم ؛ إذ هم أجسام ممكنة محدَثُة ، محتاجةُ إلى التغذي ، قابلةُ للنمو والذبول ، مشرفةُ إلى الفناء والانهدام مثل أجسام سائر الأنام { وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } [ الأنبياء : 8 ] دائمين مستمرين بلا ورود موتٍ عليهم ، وتحليلٍ لتركيبهم ، بل هم هلكى في قبضة قدرتنا وجنب وجودنا وحياتنا . { ثُمَّ } بعدما كذَّبهم المنكرون { صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ } وأوفينا لهم الوعود المعهودة الذي وعدناهم من إهلاك عدوهم وإنجائهم من بينهم سالمين { فَأَنجَيْنَاهُمْ } على الوجه الذي عهدنا معهم { وَمَن نَّشَآءُ } من أتباعهم الذين سبقت رحمتنا عليهم في حضرة علمنا { وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } [ الأنبياء : 9 ] المصرين على البغي والعناد ، المنهمكين في الجور والفساد . ثم قال سبحانه : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ } يا معشر قريش { كِتَاباً } جامعاً لما في الكتب السالفة مع أنه ذُكِرَ { فِيهِ ذِكْرُكُمْ } وشرفُكم ، ونجابةُ عرقكم ، وطينتِكم ، وكمال دِينكم ، ونبيِّكم ، وظهوره على الأديان { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الأنبياء : 10 ] كلها ، وتستعملون عقولكم بما فيه فتدركون مزيةَ كتابكم ، ورسولكم على سائر الكتب والرسل ، ويشرف دينكم على سائر الأديان . ولا تبالوا أيها المترفون بترفهكم وتنعمكم ، ولا تعتروا بإمهالنا إياكم ، ولا تؤمِّنوا عن فكرنا وإنزال عذابنا ونكالنا . { وَ } اعلموا أنَّا { كَمْ قَصَمْنَا } أي : قهرنا كثيراً { مِن } أهل { قَرْيَةٍ } وكسرنا ظهورهم ، وبعدناهم عن أماكنهم التي يترفهون فيها ؛ لأنها { كَانَتْ ظَالِمَةً } خارجةُ عن مقتضى الأوامر والنواهي المنزلة منَّا على رسلنا أمثالكم ، وبعدما أخرجناها وأهلكناها { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا } وبدلنا أهلها { قَوْماً آخَرِينَ } [ الأنبياء : 11 ] منقادين لحكمنا مطيعين لأمرنا .