Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 19-25)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أوردَ سبحانه في كتابه قصتهما وحكم بينهما فقال سبحانه : { هَـٰذَانِ } الفوجان ؛ يعني : المؤمنين واليهود { خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } مع وحدة ذاته وشمول تربيته وألوهيته لجميع البرايا { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله المتوحد بذاته وأثبتوا له شركاً ، وفرقوا بين كبته ورسله بالإقرار والإنكار ، والتصديق والتكذيب { قُطِّعَتْ } أي : أعدت وهيئت { لَهُمْ ثِيَابٌ } وملابس متخذة { مِّن نَّارٍ } شبهها بالثبات لإحاطتها وشمولها ومع ذلك { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ } [ الحج : 19 ] الماء الحار البالغ نهاية الحرارة . بحيث { يُصْهَرُ } ويذاب { بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ } من الشحوم وغيرها { وَ } كذا يذاب به { ٱلْجُلُودُ } [ الحج : 20 ] . { وَلَهُمْ } أي : لردهم ودفعهم زجراً وقهراً { مَّقَامِعُ } سياط مصنوعة { مِنْ حَدِيدٍ } [ الحج : 21 ] بيد مَن ءوكل عليه من الزبانية { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا } أي : من النار { مِنْ غَمٍّ } وَهَمٍّ وكآبة ، عرض لهم من شدة العذاب ، فطلبوا الخروج تخفيفاً ، وترويحاً حين التقطهم اللهب إلى الطرف الأعلى منها { أُعِيدُواْ فِيهَا } زجراً ضاربين عليهم بالمقامع { وَ } قائلين لهم { ذُوقُواْ } أيها المصرون على الكفر والعناد ، المسرفون المفسدون بأنواع الفجور والفساد { عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } [ الحج : 22 ] المحرق أكبادكم بدل ما تبردونها بالسحت والرشى . ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة : { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي على أهل الإيمان بالتجليات الحبّية الجمالية { يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الله مخلصين { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المقبولة عنده المقربة إليه { جَنَّاتٍ } وحدائق ذات بهجة ترويحاً لهم وتفريحاً ، وانشراحاً لصدورهم ، وتفريحاً لغمومهم حيث { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } المُذهِبة للهموم الفارجة للكروب { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } تذهيباً وتزينناً لظواهرهم من عكوس بواطنهم { مِنْ أَسَاوِرَ } متخذة { مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } بها يرصع أساورهم { وَلِبَاسُهُمْ } دائماً { فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج : 23 ] تلييناً لبشرتهم وتكميلاً لترفههم وتنعمهم . { وَ } لا يقتصر عليهم فيها على تزيين الظاهر وتفريح الباطن ، بل { هُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } ليتصفوا بالصدق والتصديق ، ويداوموا على شكر الله بقولهم : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وبقولهم : الحمد لله الذي هدانا لهذا ، { وَ } بعدما تصفوا بالصدق والعدالة في الأقوال والأفعال { هُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } [ الحج : 24 ] الذي هو التوحيد المسقط للإضافات مطلقاً ، سمي به لاستحقاقه الحمد لذاته . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتوحيد الله وأعرضوا عن شعائر دينه { وَ } مع ذلك هم { يَصُدُّونَ } ويصرفون الناس أيضاً { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ومعالم الهدى واليقين لا في وقت دون وقت بل دائماً مستمراً { وَ } خصوصاً عن { ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } الذي منه الصد والمنع مطلقاً ؛ لأنه { ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ } قبله { لِلنَّاسِ } كافة ، وفرضنا عليهم الطواف حولها من استطاع منهم إليها سبيلاً ، ولهذا ما صارت مكة ومن حولها ملكاً لأحد ، بل صار الكل فيها { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ } المقيم { فِيهِ وَٱلْبَادِ } المسافر الوارد عليه { وَمَن يُرِدْ } ويقصد سواءاً بالنسبة إليه من صدود وغيره مع أنه مقيم { فِيهِ } وصدر ذلك عنه { بِإِلْحَادٍ } وميل مقرون { بِظُلْمٍ } أي : عن قصد وعمد لا عن خطأ وسهوٍ ونسيان { نُّذِقْهُ } بمجرد قصده الذي لم ينته إلى الفعل والصدور { مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الحج : 25 ] مؤلم فجيع .