Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 63-70)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { أَنَّ ٱللَّهَ } المتخصص بالآثار البديعة والصنائع العجيبة الغريبة { أَنزَلَ } بعد تصعيد الأبخرة والأدخنة و تركيبها و تراكبها { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي : جانبها { مَآءً } مصفى على الأرض { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } بعدما كانت هامدة يابسة { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر بالتدابير الباهرة { لَطِيفٌ } دقيق رقيق ، علمه متعلق برقائق المعلومات ودقائقها { خَبِيرٌ } [ الحج : 63 ] لا يعزب عن خبرته شيء مما دق وغلظ . وكيف يعزب عن حيطة علمه شيء من المعلومات ؟ إذ { لَّهُ } ملكاً وتصرفاً وإظهاراً وخلقاً { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : العلويات من الكوائن والفواسد { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي : السفليات مثلها { وَإِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي على عموم ما ظهر وبطن { لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ } بذاته عن جميع مظاهره وأظلاله { ٱلْحَمِيدُ } [ الحج : 64 ] بآثار أوصافه وأسمائه . { أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { أَنَّ ٱللَّهَ } المتكفل لأمور عباده كيف { سَخَّرَ لَكُم } ولترتيب معاشكم { مَّا فِي ٱلأَرْضِ } ؟ من الحيوانات التي تأكلون منها وتزرعون بها وتركبون عليها وتحملونها في البر { وَ } سخر لك { ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } وعلى مقتضى مشيئته وإرادته حيث سقتم وأجريتموها حسب مرامك تتميماً لأمور معاشكم { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ } معلقاً على الهواء بلا عمدٍ كراهة { أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ } فيختل أمور معاشكم بوقوعها على الأرض ، وإن ان لم يضركم ؛ لأنها أجرام في غاية الخفة واللطافة ، بل انسد من وقوعها إنزال المطر المقوي لإنبات الأقوات ، إذ من شأنها الوقوع لولا إمساكه سبحانه إياها { إِلاَّ } أن تقع عليها { بِإِذْنِهِ } تعالى وتعلق مشيئته بوقوعها ، وذلك يوم القيامة { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { بِٱلنَّاسِ } المجبولين على الكفران والنسيان { لَرَءُوفٌ } مشفق عطوف { رَّحِيمٌ } [ الحج : 65 ] لهم يعفو عنهم زلتهم ، ويرزقهم من حيث لا يحتسب . { وَ } كيف لا يرحكمكم ولا يرأف عليكم سبحانه { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ } في النشأة الأولى ، وأظهركم من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } إظهاراً لقدرته وبسطته ، ومقتضيات جلاله وقهره { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } في النشأة الأخرى لتوفية الجزاء على ما أمركم به في النشأة الأولى { إِنَّ ٱلإِنْسَانَ } المركب من النسيان { لَكَفُورٌ } [ الحج : 66 ] لأنواع نعم الله عليه . ومن جملة إنعامنا عليه إنا { لِّكُلِّ أُمَّةٍ } من الأمم { جَعَلْنَا } أي : عيَّنا وهيأنا { مَنسَكاً } معيناً ومقصداً مخصوصاً { هُمْ نَاسِكُوهُ } أي : ينكسون ويتقربون فيه إلينا بالقرابين والهدايا { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ } يا أكمل الرسل { فِي ٱلأَمْرِ } الذي كنت عليه من الذبح وغيره من الشعائر المتعلقة بأمور الدين ، ومعالم الهدى واليقين { وَٱدْعُ إِلَىٰ } توحيد { رَبِّكَ } حسبما أُمرت { إِنَّكَ } في دعوتك إلى الحق { لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } [ الحج : 67 ] أي : طريق واضح سويّ موصل إلى التوحيد الذاتي بلا عوج وانحراف . { وَإِن جَادَلُوكَ } في أمرك هذا ودعوتك هذه عناداً ومكابرة ، فلا تلتفت إليهم ولا تقابلهم { فَقُلِ ٱللَّهُ } المطلع لخفايا الأمور وسرائرها { أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ الحج : 68 ] مقتضى أهوية نفوسكم ، فيجازيكم على مقضى علمه وخبرته . وإن ألجأتموني إلى الخصومة فـ { ٱللَّهُ } المطلع لضمائر كلا الفريقين { يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } وبيني { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ الحج : 69 ] معي من شعائر ديني وعلامة هدايتي ويقيني . { أَ } تنكر أيها المنكر إحاطة علم الله بجميع المعلومات { لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ } المتجلي لجميع ما ظهر وبطن { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } من الأمور الكائنة والفاسدة فيها ، لا يعزب عن علمه شيء ، وكيف لا يعلمها سبحانه { إِنَّ } جميع { ذٰلِكَ } مثبتُ مسطورُ { فِي كِتَابٍ } هولوح قضائه وحضرة علمه ، ولا تستبعد أمثال هذا عن جنابه { إِنَّ ذٰلِكَ } الاطلاع على الوجه المذكور { عَلَى ٱللَّهِ } المتصف بجميع أوصاف الكمال { يَسِيرٌ } [ الحج : 70 ] .