Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 71-74)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } هو بسبب إنكارهم إحاطة علم الله { يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } المستحق للعبادة بالاستحقاق { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } أي : أصناماً وأوثاناً ، لم ينزل سبحانه على استحقاقهم العبادة برهاناً من عند الله ليكون لهم حجة دالة على مدَّعاهم { وَ } أيضاً يعبدون { مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } أي : دليلُ عقلي دالُ على لياقتها واستحقاقها للعبادة والانقياد ، بل يعبدونها ظلماً وزوراً بلا مستند عقلي ونقلي { وَمَا لِلظَّالِمِينَ } المتجاوزين عن مقتضى العقل والنقل { مِن نَّصِيرٍ } [ الحج : 71 ] ينصرهم ويستدفع عنه عذاب الله ، أو يستشفع لهم عنده سبحانه بتخفيفه عنهم . { وَ } من غاية ظلمهم وخروجهم عن حدود العقل والنقل { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } الدالة على توحيد ذاتنا وكمال أسمائنا وصفاتنا مع كونها { بَيِّنَاتٍ } واضحات الدلالات { تَعْرِفُ } وتبصر أيها الرائي { فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بها { ٱلْمُنْكَرَ } أي : علامات الإنكار ، وأمارات العتو والاستكبار ، بحيث ترونهم من شدة شكيمتهم وغيظهم المفرط { يَكَادُونَ } ويقربون { يَسْطُونَ } يبطشون ويأخذون { بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا } هم : النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه غيظاً عليهم ، وعلى ما جرى على ألسنتهم { قُلْ } يا أكمل الرسل على سبيل التوبيخ والتقريع { أَ } تنقبضون وتضجرون عن استماع هذه الآيات العظام وتتشاءمون من سماعها { فَأُنَبِّئُكُم } وأخبركم { بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ } الآيات ، هي أشد عيظاً وأكثر تضجراً منها ألا وهي { ٱلنَّارُ } التي { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بسبب كفرهم وضلالهم { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الحج : 72 ] النار لأصحاب الضلال والإنكار . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الذين جبلوا على الغفلة والنيسان والجهل والطغيان عن عظمة الله وحق قدره ، لذلك أثبتُّم له أمثالاً وأشباهاً مع تعاليه وتنزهه في ذاته عنها ، اسمعوا : { ضُرِبَ مَثَلٌ } في حق شركائكم ومعبوداتكم { فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ } سمع وتدبير وتأمل ، ثم أنصفوا { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } وتعبدون أيها المدَّعون المكابرون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } القادر بجميع المقدورات بالعلم التام ، والإدارة الكاملة ، والحكمة المتقنة { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } بل لن يقدروا على خلق أحقر منها وأخس ، لا كل واحد منهم فرادى ، بل { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ } أي : لخلق الذباب وتظاهروا لإيجاده مجتمعين لن يقدروا أيضاً ، وكيف خلْقُ الذباب وإظهاره ؟ { وَإِن يَسْلُبْهُمُ } ويأخذ منهم { ٱلذُّبَابُ } الحقير الضعيف { شَيْئاً } من الآلهة الباطلة من حيلهم وتزييناتهم { لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } ولا يقدروا على أن يخرجوه من يده لعجزهم وعدم قدرتهم ، فكيف تعبدون أيها الحمقى العابدون أولئك الهلكى العاجزين الساقطين ؟ ! فظهر للمتأمل المتدبر أنه { ضَعُفَ } أي : انحط وسقط عن زمرة العقلاء ورتبتهم { ٱلطَّالِبُ } العابد الجاهل { وَٱلْمَطْلُوبُ } [ الحج : 73 ] المعبود المجهول المنحط عن رتبة أحقر الأشياء وأخسها فكيف عن أعلاها ؟ ! فيكف عن خالقها وموجودها ؟ ! تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً . كل ذلك بواسطة أنهم { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ } القادر المقتدر على جميع المقدورات والمرادات وما علموه { حَقَّ قَدْرِهِ } كما هو اللائق بشأنه ، وما عرفوه حتى معرفته ، لذلك ما صفوه حق وصفه ، ونسبوه إليه سبحانه مالا يليق بجانبه جهلاً وعناداً ، وأثبتوا له شركاء عاجزين من أضعف الأشياء { إِنَّ ٱللَّهَ } المتردي برداء العظمة والكبرياء { لَقَوِيٌّ } في ذاته لا حول ولا قوة إلا به { عَزِيزٌ } [ الحج : 74 ] غالبٌ في أمره وحكمه ، متصرف مستقل في ملكه وملكوته ، يفعل بالإدارة والاختيار ، ويحكم ما يريد ، لا راد لفعله ، ولا معقب لحكمه .