Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 36-44)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } أي : بَعُد بعداً تاماً ، واستحال استحالةً شديدةً { لِمَا تُوعَدُونَ } [ المؤمنون : 36 ] من البعث بعد الموت والوجود بعد العدم والإعادة بعد الإماتة . { إِنْ هِيَ } أي : ما الحياة لنا أيها العقلاء { إِلاَّ حَيَاتُنَا } الت يهي { ٱلدُّنْيَا } إذ وجودنا وعدمنا مقصورُ على ما هو فيها { نَمُوتُ } ونعدم بعد الوجود فيها { وَنَحْيَا } ونوجد بعد العدم أيضاً فيها { وَ } بالجملة : { مَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [ المؤمنون : 37 ] منشَرين أحياءً بعدما متنا فيها ، كما نشاهد من سائر الأشياء ؛ يعني : لا منزل لنا سوى الدنيا حياتنا فيها وموتنا فيها لا دارَ لنا غيرها . { إِنْ هُوَ } أي : ما هو المدعى الكاذب { إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ } ونسب { عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً } ومراءً عنه أنه أرسلني الله وأوصاني بكذا وكذا ، وما هي إلا مختراعاتُ اخترعها ن تلقاء نفسه { وَ } بالجملة : { مَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } [ المؤمنون : 38 ] بمجرد هذه الدعوى ، وإن أثبتها أيضاً ؛ إذ هو بشرُ مثلنا ولا رسالةَ للبشر من الله إلى البشر . وبعد يأسه من إيمانهم أخذ في الدعاء عليهم ، مشتكياً إلى الله ؛ حيث { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [ المؤمنون : 39 ] أي : عذِّبهم بتكذيبهم إياي ؛ إذ تكذيبي مسلتزم لتكذيبك يا ربي . { قَالَ } سبحانه : اصبر ولا تستعجل في انتقامهم أهم { عَمَّا قَلِيلٍ } أي : عن زمانٍ قليلٍ { لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } [ المؤمنون : 40 ] عمَّا فعلوا من التكذيب والإنكار . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة من جانب السماء بغتةً ، قيل : صاح عليهم جبريل عليه السلام صيحةً هائلة ، بعدما تعلق إرادته الله بإهلاكهم ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } أي : بالعذاب الثابت المحقق الواجب وقوعه { فَجَعَلْنَاهُمْ } وصيرنا أجسادهم { غُثَآءً } أي : كالغثاء الذي يسيل به الماء ، وهو الزبد والحشائش التي يذهب بها الماء { فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ المؤمنون : 41 ] أي : بعدما صاروا كذلك ، قيل في حقهم : بَعُد بعداً وطرداً للقوم اللظالمين الخارجين عن مقتضى أوامر الله ونواهيه ، النازلة منه سبحانه على ألسنة أنبيائه ورسله . { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } وانقراضهم { قُرُوناً آخَرِينَ } [ المؤمنون : 42 ] يعني : قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم من الأمم الهالكة على الكفر والعناد بسبب تكذيب الرسل وكتبهم . وبالجملة أهلكناهم ؛ بحيث { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } أي : ما تستعجل وتستقدم أمةُ منهم أجلَها الذي عيَّنَّا لإهلاكها ، وقدرنا هلاكهم فيه { وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } [ المؤمنون : 43 ] أيضاً : لا يسمع لهم الاستقدام والاستئخار في المدة المقدرة المعينة لهلاكهم . { ثُمَّ } بعدما انقرضوا { أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا } على المنحرفين عن جادة توحيدنا ، المنصرفين عن مقتضى سنتنا { تَتْرَا } متواترة متتاليةً بلا تخلل فترةٍ بينهم ، فصار الأمر بينهم { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا } لإصلاح حالهم واعتدال خلافتهم وأعمالهم { كَذَّبُوهُ } وأنكروا له وظهروا عليه بالمقاتلة والمشاجرة ، فأهلكناهم واستأصلناهم بسبب تكذيبهم وإنكارهم { فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً } بالهلاك ؛ أي : أهلكناهم متتابعةً بعضهم بعد بعضٍ إلى أن طهرنا الأرض عن خبثهم وفسادهم { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } أي : حكاياتٍ وقصصاً يُسمر بهم ، ويَعتبر المتعبرون عما جرى عليهم ، ويقولون في حقهم ب عدما سمعوا قصصهم معتبرين : { فَبُعْداً } أي : طرداً وحرامناً ومقتاً وخذلاناً { لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 44 ] بتوحيد الله ولا يصدقون رسله ، وجميعَ ما جاءوا به من عنده سبحانه من المعتقدات المتعلقة بالنشأتين .