Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 72-80)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ } أي : أيظنون ويعتقدون أنك يا أكمل الرسل تطلب لأداء الرسالة وتبليغها علهيم { خَرْجاً } جُعْلاً وإجراءُ لذلك انصرفوا عنك وعن دينك وكتابك ؟ ! { فَخَرَاجُ رَبِّكَ } الذي ربَّاك بأنواع النعم الصوري والمعنوي ، وأجره لك بأعظم المثوبات وأعلى الدرجات { خَيْرٌ } لك من جُعْلهم { وَ } إن نسبوك إلى الفقر والفاقة قل { هُوَ } سبحانه { خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } [ المؤمنون : 72 ] لو فُرضَ رازق سواه ، مع أنه لا رازقُ إلا هو . { وَ } بالجملة : هم منحرفون في أنفسهم عن جادة التوحيد ؛ بحيث لا يفيدهم هدايتكم وإرشادك { إِنَّكَ } بوحي الله إياك { لَتَدْعُوهُمْ } وتهديهم . { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ المؤمنون : 73 ] سويٍّ لا عوجَ له أصلاً ، وهو طريق التوحيد الذاتي . { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ولا يصدقون { بِٱلآخِرَةِ } التي فيها انتقاد الأعمال والأحوال وال عرض على ذي العظمة والجلال { عَنِ ٱلصِّرَاطِ } الذي هو سبب اعتدالهم وإخلاصهم فيها { لَنَاكِبُونَ } [ المؤمنون : 74 ] عادلون مائلون ، لذلك لم يقبلوا منكما جئتَ به عند ربك ؛ إذ خوف الآخرة من أقوى قوائم الإيمان . { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ } على مقتضى سعة رحمتنا وجودنا { وَكَشَفْنَا } وأنزلنا { مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ } مفرطٍ مزعج مثل القحط والوباء والزلزلةَ والعناد ، وغير ذلك من الشدائد العاجلة { لَّلَجُّواْ } وأصروا { فِي طُغْيَانِهِمْ } التي هم عليها من الكفر ولا شرك والعداوة مع أهل الإيمان { يَعْمَهُونَ } [ المؤمنون : 75 ] يترددون ولا يتركون . { وَ } كيف لا يعمهون وقد جربناهم مراراً ، فإنا { لَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ } أي : الجدب والقحط أو بالقتل يوم بدر { فَمَا ٱسْتَكَانُواْ } وما تلذذوا وتواضعا { لِرَبِّهِمْ } من كما عتوهم وعنادهم { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } [ المؤمنون : 76 ] إليه استكباراً بل هم على إصرارهم دائماً كلما أخذناهم وكشفنا عنهم ، أصروا وازدادوا على استكبارهم وإصرارهم ، ولم يرجعوا إلينا مخصلين . { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً } من البلاء والعناء { ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ } وهو القحط المفرط ؛ إذ هو من أصعب العقوبات وأسوئها { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } [ المؤمنون : 77 ] متحسرون آيسون من كل خيرٍ ، ومع ذلك لم يتوجهوا إلينا ولم يتضرعوا . { وَ } كيف لا تشكرون نعمه سبحانه مع أنه { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ } وأظهر { لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ } من المشاعر التي تتحفظون بها نفوسكم من الأعاي الخارجة عنكم { وَٱلأَفْئِدَةَ } أي : القلوب التي تتحفظون بها نفسوكم عن الأعادي الداخلة من التخيلات الباطلة والتوهمات الزائفة والزائلة المخزرفة المموهة من الرياء والرعونات وأنواع التلبيسات والتدليسات مع أنكم { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } [ المؤمنون : 78 ] أي : ما تشركون لهذه النعم الجليلة إلا قليلاً منكم . { وَ } كيف لا تشكرون نعمه سبحانه مع أنه { هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ } أي : أوجدكم وأظهركم من كتم العدم في النشأة الأولى ، وبث نسلكم ونسبكم { فِي ٱلأَرْضِ } تترفهون فيها وتتنعمون ورَزَقكم فيها من أنواع الطيبات { وَ } في النشأة الأخرى { إِلَيْهِ } لا إليى غيره ؛ إذ لا وجود للغير { تُحْشَرُونَ } [ المؤمنون : 79 ] وترجعون رجوع الأمواج إلى البحر . { وَ } كيف لاتحشرون إليه سبحانه { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي } ويظهر أشباحكم من العدم بامتداد أظلال أسمائه وصفاته ويبسطها على مرايا انعدام الإعدام { وَيُمِيتُ } بانقهارها وقبض الأضلال عنها { وَ } من جملة قبضه وبسطه : إن { لَهُ } سبحانه ويمقتضى مشيئته وإرادته { ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } طولاً وقصراً ، ضوءاً وظلمةً { أَفَلاَ } تتفكرون وتتأملون أيها المجبولون على التفكر والتدبر حتى { تَعْقِلُونَ } [ المؤمنون : 80 ] وتدركون كيفيفة ظهور الحق وإظهاره مظاهر أسمائه الحسنى وصفاته العليا .