Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 81-90)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهؤلاء الضالون المضالون لا يتفكرون ، ولا يعقلون مع وضوح الدلائل والشواهد { بَلْ قَالُواْ } من الهذيانات الباطة { مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ } [ المؤمنون : 81 ] من آبائهم وأسلافهم تقليداً لهم ؛ حيث { قَالُوۤاْ } مستنكرين مستبعدين على مواعيد الحق في النشأة الأخرى : { أَإِذَا مِتْنَا } وانقرضنا عن الدنيا { وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً } باليةً { أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ المؤمنون : 82 ] مخرَجون من القبور أحياءً مثل ما كنا عليه قبل موتنا ؟ ! . كلا وحاشا لا حياة إلا هذه الحياة التي كنا عليها في دار الدنيا ، مع أنا { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ } على لسان من جاءنا بادعاء الرسالة والنبوة { وَ } قد وعد أيضاً { آبَآؤُنَا هَـٰذَا } الموعود المخصوص على لسان من جاء بهم { مِن قَبْلُ } وهلم جراً ، مع أنا ولا هم لم نرَ من علامات صدقها وأمارات وقوعها شيئاً أصلاً . وبالجملة { إِنْ هَـٰذَآ } أي : ما هذا الوعد الموعود والقول المعهود ، وهو أنكم { إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ سبأ : 7 ] { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الأنبياء 83 ] أي : أباطيلهم وأكاذيبهم التي سطروها في دواوينهم وكتبهم على وجه السمرة والمخادعة لضفاء الأنام . وبعدما بالغوا في الإنكار على البعث والإعادة ، وعدم قدرتنا عليها مع أنا قادرون على الإبداء والإنشاء لا عن شيء { قُل } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً عليهم وتبكيتاً : { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ } المفروشة تحتكم { وَمَن فِيهَآ } من أ نواع النباتات والحيوانات والمعادن ، ومَمن المظهرُ لها من كتم العدم ، ومَن المزينُ المنبتُ عليها من الأجناس المختلفة ، أخبرونا موجدها ومخترعها { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ المؤمنون : 84 ] أي : من ذوي الشعور والإدراك . { سَيَقُولُونَ } في الجواب ألبتة : { لِلَّهِ } إذ لا يمكنهم الإنكار بالصريح المحقق المثبت { قُلْ } لهم بعدما اعترفوا بأن الأرض ، ومن عليها لله سبحانه موبخاً عليهم ومقرعاً : { أَ } تنكرون أيها الجاهلون قدرة الله على إعادة المعدوم وحشر الأجساد { فَلاَ تَذَكَّرُونَ } [ المؤمنون : 85 ] وتستحضرون قدرة الحق على إبداء هذه البدائع والعجائب المستحدثة على الأرض بلا سبق مادةٍ ومدة ، ومع ذلك تنكرون ، ومن إعادة من عليها ، سيما بعد سبق مادتها ، مع أن هذا أهون من ذلك . { قُلْ } لهم أيضاًُ إلزاماً وتبكيتاً : { مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ } الشدائد المطبقات المزيَّنات بالكواكب { وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } [ المؤمنون : 86 ] المحيط بالكل المسيِّر لها على وجه السرعة التامة والحركة الشديدة بلا تخللِ سكونٍ أصلاً . { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } إذ لا يسع لهم الخروج عن مقتضى صريح ال عقل { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ المؤمنون : 87 ] وتحذرون عن قهر الله وغضبه ، تنكرون له أهون مقدوراته ومراداته ، مع أنك اعتُرفتم بأشدها وأصعبها ! . { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما تأكدا إلزامهم وإفحامهم كلاماً جلياً شاملاً لجميع مقدورات الله ومراداته : { مَن بِيَدِهِ } وقبضةِ قدرته وحوله وقوته { مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } وملكُه يتصرف فيه حسب إرادته واختياره على سبيل الاستقلال { وَ } من { هُوَ يُجْيِرُ } يغيث ويعين الملهوفَ المضطرَ إذا دعاه { وَلاَ يُجَارُ } ويُنصر { عَلَيْهِ } لأنه سبحانه يعلو ولا يُعلى عليه ، أخبروني { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ المؤمنون : 88 ] أي : من ذوي الخبرة والشعور . { سَيَقُولُونَ } أيضاً بلا ترددٍ " { لِلَّهِ } اختصاصنا وملكاً ، تصرفاً استقلالاً ، اختياراً وإرادةً { قُلْ } لهم بعدما أثبتوا له الغاالبية ، والقدرة التامة الكاملة ، والفاعلية والمطلقة بالإرادة والاختيار للفاعل المختار اختصاصاً واستقلالاً : { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } [ المؤمنون : 89 ] أي : من أي تُخدعون وتُلبسون للخروج عن مقتضى العقل والرشد وفي المقدور المخصوص والمراد المنظم المعين حتى تنكروا له ، ولم تقبلوا وقوعه مع ورود الآيات والدلائل القاطعة على وقوعه . { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ } أي : كل ما آتيناهم من التوحيد ، ولوازمه من الإيمان بالغيب ، وجميع المأمورات والمنهيات الصادرة منا في كتبنا النالزة على رسلنا ، وما ألهمنا وأوحينا إلى رسلنا إلا موافقاً كتابنا وحضرة علمنا ولوح قضائنا ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } المصدِّق المطابق للواقع بلا توهم الباطل في شيء منها { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ المؤمنون : 90 ] في نسبة الكذب إليها وإليهم ألا ل عنة الله على الكاذبين .