Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 57-60)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه تأييداً لنبيه صلى الله عليه وسلم : { لاَ تَحْسَبَنَّ } و لاتظنن يا أكمل الرسل { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله ، وأعرضوا عن توحيده هم صاروا بكفرهم وعنادهم { مُعْجِزِينَ } اللهَ القادرَ المقتدرَ عن أخذهم وإهلاكهم { فِي ٱلأَرْضِ } التي هي مملكة الحق ومحل تصرفاته سبحانه ، بل يأخذهم الله الرقيبُ عليهم بظلمهم وبغيهم ، ويستأصلهم عن وجه الأرض في النشأة الأولى { وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ } في النشأة الأخرى { وَ } اللهِ { لَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ النور : 57 ] مصيرهم ومرجعهم . ثم أشار سبحانه إلى تتميم ما مضى من آداب الخلطة والمؤانسة بين المؤمنين ، فقال منادياً لهم على وجه العموم ؛ ليقبلوا إلى امتثال ما نودوا فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } من آداب المصاحبة والإخاء هذا { لِيَسْتَأْذِنكُمُ } بالدخول على بيوتكم ، ويسترخص منكم أيها المؤمنون خدمتكم { ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } سواءً كانوا عبيداً أو إماءً ، وأنتم رجالُ أو نساءُ ، ذكرَ الضمير على سبيل التغليب { وَ } كذا الصبيان { ٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ مِنكُمْ } أي : لم يبلغوا وقت الحلم ، خُصَّ بالذكر ؛ لكونه أقوى أسباب البلوغ إلى وقت التكليف { ثَلاَثَ مَرَّاتٍ } يعني : ليستأذنكم الخَدَمةُ والصبيانُ في ثلاثة أوقات دخولهم : أحدها : { مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْرِ } إذ هو وقت الانخلاع ، والتجرد عن ثياب النوم ، والدخول فيه منهي . { وَ } ثانيها : { حِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ } للاستراحة والقيلولة . { وَ } ثالثها : { مِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ } وقت التجرد عن الثياب للنوم ، والأوقاتُ المذكورةُ { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ } لا بدَّ من تحفظكم فيها عما يشوشكم ، ويطلع على سركم { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ } ضيقُ ومنعُ { بَعْدَهُنَّ } أي : بعد الأوقات الثلاث لو دخلوا عليكم بلا إذن منكم ؛ إذ هم خَدَمةُ { طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ } ليخدموكم ؛ إذ جُبلتم على أن يظاهر { بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ كَذَلِكَ } أي : مثل ما ذكر { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ } المدبرُ لمصالحكم { لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ } الدالةَ على آداب المصاحبة والمؤانسة ، { وَٱللَّهُ } المطلعُ لأحوال عباده { عَلِيمٌ } بمصالحهم ومفاسدهم { حَكِيمٌ } [ النور : 58 ] في ضبطها وحفظها ؛ بحيث لا يختل أمر النظام المتعارف . { وَ } كذا { إِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ } وظهر منهم أمارات الميل والشهوة سواء كانوا ذكوراً أم إناث { فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من الأحرار البالغين ؛ إذ هم حينئذ دخلوا في حكمهم بعد الحلم { كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ } الدالةَ على آداب خلطتكم وحسن معاشرتكم { وَٱللَّهُ } المصلحُ لأحوال عباده { عَلِيمٌ } بما في ضمائرهم من المنكرات { حَكِيمٌ } [ النور : 59 ] في دفعها قبل وقوعها . { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ } عجائز { ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي } قعدن عن الحيض والحبل وشهوة الوقاع مطلقاً إلى حيث { لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً } وزواجاً ؛ لكبرهن وكهولتهن { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ } أي : ذنبُ وكراهةُ { أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ } أي : الثياب الظاهرة التي يلبسنها فوق الأستار كالجلباب حال كونهن { غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ } أي : مظهراتٍ { بِزِينَةٍ } مشهيةٍ للرجال ، مثيرة لشهواتهم ؛ أي : الزينة التي مُنعن من إبدائها في كريمة : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ … } [ النور : 31 ] { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ } عن الوضع { خَيْرٌ لَّهُنَّ } سواء كن عجائز أم شواب ؛ لأن العفة أبعد من التهمة في كل الأحوال { وَٱللَّهُ } المطلع لسرائرهن { سَمِيعٌ } لمقالتهن مع الرجال { عِلِيمٌ } [ النور : 60 ] بنياتهن منها .