Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 47-52)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ تنزل سبحانه عن خطاب حبيبه صلى الله عليه وسلم في المعارف الحقائق المتعلقة بالوحدة الذاتية السارية في الأكوان ، وكيفية ارتباط الأكوان عليها غلى مخاطبة العوام ومقتضى استعداداتهم وقابلياتهم فقال : وكيف تغفلون عن مبدعكم ومظهركم أيها الغافلون ؟ ! { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً } تسترون بظلمته عن أعين الناس ؛ لئلا يطلع بعضكم على مقابح بعض { وَ } جعل { ٱلنَّوْمَ } فيه { سُبَاتاً } راحة للأبدان بعد قطع المشاغل وقضاء الأوطار المتعلقة بالنهار { وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } [ الفرقان : 47 ] تنتشرون في أقطار الأرض ؛ لطلب المعاش ، كل ذلك بتقدير الله وتدبيره وإصلاحه لأمور عباده . { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً } مبشراً { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } يبشركم بنزوله { وَ } بعد تبشيرنا إياكم بالرياح المبشرات { أَنزَلْنَا } من مقام جودنا { مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } [ الفرقان : 48 ] متناهياً في الطهارة ، مبالغاً أقصى غاياتها . { لِّنُحْيِـيَ بِهِ } أي : بالماء { بَلْدَةً مَّيْتاً } قفراً يابساً جامداً بأنواع النباتات والخضورات { وَنُسْقِيَهُ } أي : بالماء { مِمَّا خَلَقْنَآ } في البراري والبوادي { أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } [ الفرقان : 49 ] وهي جمع : إنسان ، حذف نونه عوضاً منها الياء فأدغم ، أو جمع : إنسي ؛ لبعدهم عن المنابع والأنهار . { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ } أي : المطر { بَيْنَهُمْ } إنعاماً له وإصلاحاً لحالهم ، وكررنا ذكره في هذا الكتاب ، وكذا في الكتب السالفة { لِيَذَّكَّرُواْ } ويتفكروا في نعمنا وإنعامنا ، ويواظبوا على شكرنا ؛ ليزداد لهم ، ومع ذلك { فَأَبَىٰ } وامتنع { أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } عن قبوله وما يزيدون { إِلاَّ كُفُوراً } [ الفرقان : 50 ] أي : كفراناً للنعم وإنكاراً لمنعها ، حيث يقولون منكراً على المنعم : مُطرنا بنوء كذا . { وَ } من شدة بغيهم وكفرانهم { لَوْ شِئْنَا } وتعلق مشيئتنا ؛ لإنذار كل منهم بمنذر مخصوص { لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ } من القرى نبياً { نَّذِيراً } [ الفرقان : 51 ] ينذرهم عما هم عليه من الكفران والطغيان ، ولكن بعثناك يا أكمل الرسل إلى كافتهم وعامتهم تعظيماً لشأنك وإجلالاً لك ، فلك ألاَّ تعي من حمل أعباء رسالتنا وتبليغ ما أمرناك به ، ولا تلتفت إلى مزخرفاتهم التي أرادوا أن يخدعوك بها . { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على الكفر والعناد مطلقاً { وَ } لا تتبع أهوائهم ، بل { جَاهِدْهُمْ بِهِ } أي : بدينك هذا { جِهَاداً كَبيراً } [ الفرقان : 52 ] حتى تقمع وتقلع دينهم الباطل ، وتروج أمر دينك الحق ترويجاً بليغاً إلى حيث يظهر دينك على الأديان كلها { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } [ النساء : 6 ] .