Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 63-67)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } المتذكرون لآلاء الله ، المواظبون لأداء حقوقها حسب طاقتهم ، هم { عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } الواصلون إلى مرتبة الرضوان ، الفائزون بلقاء الرحمن ، وهم { ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ } وجه { ٱلأَرْضِ } التي هي محل أنواع الفسادات { هَوْناً } هينين لينين بلا منازعة وجدال مع أحد من بني نوعهم ، وسوء خصالهم معهم من كبر وخيلاء { وَ } هم من كمال سكينتهم ووقارهم ، وتلطفهم مع عباد الله { إِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ } بعلو شأنهم ورفعة مكانهم بما يكرهون من الشتم والوقاحة والاستهزاء . { قَالُواْ } من سلامة نفوسهم وطيب قلوبهم : { سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] أي : تلسيماً عليهم بلا تغير وتأثر من قولهم ، وتركاً لانتقامهم ومخاصمتهم ، توطيناً لنفوسهم على التسليم والرضا بجريان القضاء والحلم وكظم الغيظ ، هذا حالهم وشغلهم بين الناس في النهار . { وَ } شغلهم في الليل ، هم { الَّذِينَ يِبِيتُونَ } ويدخلون في الليل بائتين ، صاروا في خلاله { لِرَبِّهِمْ سُجَّداً } ساجدين ، واضعين جباههم على تراب المذلة ؛ طلباً لمرضاة الله بلا شوب السمعة والرياء ، والعجب والهوى ؛ لكونهم خالين في خلاله مع الله بلا وقوف أحد عليهم { وَقِيَاماً } [ الفرقان : 64 ] قائمين بين يدي الله تواضعاً وخدمةً { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } في مناجاتهم مع الله في خلواتهم : { رَبَّنَا } يا من ربانا بأنواع الكرامات { ٱصْرِفْ عَنَّا } بفظلك وجودك { عَذَابَ جَهَنَّمَ } المعد لعصاة عبادك { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [ الفرقان : 65 ] حتماً لازماً لنا ، لولا فضلك بنا وإحسانك علينا ، فإ ، هم مع كمال توجههم وتحننهم نحو الحق على وجه الإخلاص ورسوخهم في الأعمال الصالحة الخالصة بلا فوت شيء من لوازمها خائفون ، وجلون عن بطشه سبحانه وانتقامه ؛ لأنهم لا يتكئون ولا يتكلمون إلى أعمالهم وطاعاتهم ، ولا يثقون بها . بل ما يعتمدون ويتكلمون إلا بفضل الله وسعة رحمته وجوده قائلين ، مستعيذين من النار : { إِنَّهَا } أي : جهنم البعد والحرمان { سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً } يستقر أحد فيها ساعةً وآناً { وَ } كيف أن تجعل لنا يا مولانا { مُقَاماً } [ الفرقان : 66 ] نقيم فيها زماناً . { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ } مما رزقهم الله من الأطايب على الفقراء والمساكين { لَمْ يُسْرِفُواْ } في الإنفاق إلى أن وصل حد التبذير المذموم عقلاً وشرعاً { وَلَمْ يَقْتُرُواْ } في الإمساك والمنع إلى أن وصل حد التقتير المحرَّم ، المكروه شرعاً ومرءة ، بل { وَكَانَ } إنفاقهم { بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } [ الفرقان : 67 ] وسطاً عدلاً بين طرفي الإفراط والتفريط المذمومين ، الساقطين عن درجة الاعتبار عند الله وعند الناس ، المسقطين للنفس عن الاعتدال الحقيقي المقبول عند الله وعند عموم عباده .