Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 68-71)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بالجملة : هم الموحدون { ٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ } الواحد الأحد ، المستقل بالألوهية والربوبية { إِلَـٰهًا آخَرَ } يستحق للعبودية مثله { وَ } من جملة خصائلهم الحميدة : إنهم { لاَ يَقْتُلُونَ } بحال من الأحوال { ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ } الحكيم المتقن في أفعاله وأحكامه قتلها ؛ إذ كل نفس من النفوس البشرية إنما وضعت وبنيت بيتاً لله ، ، مهبطاً معه ولوحيه وإلهامه ، محلاً لحلول سلطان وحدته الذاتية ومجلى لظهور أسمائه الحسنى وصفاته العليا العظمى الكاملة ، فلا يصح هدم بيته وتخريب بنائه { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي : بالرخصة الشرعية الموضوعة بوضع الله سبحانه حدّاً وقصاصاً . { وَ } من جملة أخلاقهم الحميدة : إنهم { لاَ يَزْنُونَ } عدواناً وعدولاً عن مقتضى الحد الشرعي و الوضع الإلهي في حفظ النسب عن اختلاط النطف ؛ إذ هي من أخس المحرمات وأفحش المحظورات ؛ لذلك عقَّبه سبحانه بالوعيد الهائل ، فقال : { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } أي : الزنا التي هي الفعلة الشنيعة ، والديدنة القبيحة المتناهية في القبح والشناعة المستكرهة عند الطباع السليمة ، المسقطة للمروءة والعدالة { يَلْقَ } يوم الجزاء { أَثَاماً } [ الفرقان : 68 ] أي : جزاء مسمى بالأثام مبالغةً وتأكيداً ، كأن اسم الإثم موضوع له حقيقةً وهي جامع لجميع ما يطلق عليه اسم الإثم ادعاءً لذلك . { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ } لا ضعفاً مرة ، بل أضعافاً كثيرةً ، ومع ذلك التضعيف والتشديد { وَيَخْلُدْ } ويدوم { فِيهِ } أي : في العذاب { مُهَاناً } [ الفرقان : 69 ] صاغراً ذليلاً بالنسبة إلى جميع أهل النار ؛ إذ الزنا من أقبح الجرائم عند الله وأفحشها ؛ إذ لا جُرم عنده سبحانه أعظم من هتك محارمه ، أعاذنا الله من ذلك . { إِلاَّ مَن تَابَ } عما جرى عليه من سوء القضاء ، ورجع إلى الله نادماً عن فعله خائباً خاسراً ، مستحيياً من الله ، خائفاً عن بطشه ، مكذباً لنفسه ، معيراً عليها ، متأوهاً متحسراً عما صدر عنه { وَ } مع ذلك { آمَنَ } بتوحيد الله ، وأكَّد توبته بتجديد الإيمان المقارن بالإخلاص الصائن للمؤمنين عن ارتكاب المحظورات المنافية للإيمان ، وبالجملة : جدد إيمانه معتقداً أه حين صدر عنه لم يكن مؤمناً { وَ } مع التوبة وتجديد الإيمان { عَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } منبئاً عن إخلاصه في إيمانه وتوبته ، مشعراً على يقينه ومعرفته . { فَأُوْلَـٰئِكَ } السعداء التائبون الآيبون المقبولون ، هم الذين { يُبَدِّلُ ٱللَّهُ } الحكيم المصلح لأحوال عباده بعدما وقفهم على التوبة الخالصة والإنابة الصحيحة الوثيقة { سَيِّئَاتِهِمْ } التي أتوا بها قبل التوبة { حَسَنَاتٍ } بعدها ، بأن يمحو سبحانه بفضله معاصيهم المثبتة في صحائف أعمالهم قبل إنابتهم ، ويثبت بدلها حسنات بعدما { وَكَانَ ٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده وإخلاصهم { غَفُوراً } لهم ، متجاورزاً عن ذنوبهم وإن عظمت بعدما جاءوا بالتوبة الخالصة { رَّحِيماً } [ الفرقان : 70 ] يقبل توبتهم ويغفو زلتهم . { وَ } بالجملة : { مَن تَابَ } ورجع إلى الله نادماً عما مضى عليه من المعاصي { وَعَمِلَ } عملاً { صَالِحاً } تلافياً لما فات من الطاعات والحسنات ، جابراً لما انكسر من قوائم إيمانه وأعماله بالمفاسد والآثام { فَإِنَّهُ يَتُوبُ } ويرجع { إِلَى ٱللَّهِ } المتفضل المحسن الكريم الرحيم { مَتاباً } [ الفرقان : 71 ] أي : توبة مقبولة عند الله ، مرضية دونه .