Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 9-12)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱنظُرْ } يا أكمل الرسل { كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } هؤلاء الضُلاَّال بعدما عجزوا عن معارضتك ، وتاهوا في كمال رشدك وهدايتك ، وكيف توغلوا في الحيرة عن مدركاتك ، حتى تشبثوا بأمثال هذه الخرافات والهذايانات البعيدة عن علو شأنك وسمو رتبتك وبرهانك ، وبالجلمة : { فَضَلُّواْ } وتحيروا ، وانسحرت عقولهم عن الوصول إلى كمال مدركاتك وأنواع هداياتك { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } [ الفرقان : 9 ] إليها لتعاليها عن مداركهم وعقولهم ، فنسبوك إلى ما لا يليق بجنابك عناداً واستكباراً . { تَبَارَكَ } وتعالى ربك { ٱلَّذِيۤ } رباك بأنواع الكرامات الخارقة للعادات الشاملة لأصناف السعادات المعدة لأرباب الشهود والمكاشفات ، وبالمعجزات الباهرة الدالة على صدقك في جميع ما جئت به من قبل ربك من الآيات البينات ، وأنواع الخيرات والبركات { إِن شَآءَ } ربك وتعلقت مشيئته وإرادته { جَعَلَ لَكَ } يا أكمل الرسل في النشأة الأولى أيضاً { خَيْراً } وأحسن { مِّن ذٰلِكَ } أي : مما قالوه وأملوه تهكماً واستهزاءً ، ولكن أخَّره إلى النشأة الأخرى ؛ إذ هي خير وأبقى ، والتنعم فيها ألذ وأولى ؛ إذ هي مؤبدة مخلدة بلا انقطاع ولا انصرام . ثم بيَّن سبحانه ما هيأ لحيبيه صلى الله عليه وسلم فيها وأعد له من { جَنَّاتٍ } منتزهات العلم والعين و الحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : أنهار المعارف والحقائق المتجددة بتجددات التجليات الإلهية على مقتضى الكمالات الأسمائية والصفاتية { وَيَجْعَل لَّكَ } أيضاً فيها { قُصُوراً } [ الفرقان : 10 ] عاليات متعاليات عن مدارك ذوي الإدراكات مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وهم من قصور نظرهم وعمى بصرهم وقلوبهم في هذه النشأة لا يلتفتون إلى أمثال هذه الكرامات العليّة الأخروية . { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ } الموعودة المعهودة ، وجميع ما يترتب عليها من المثوبات والدرجات العلية والدركات الهوية ؛ إذ نظرهم مقصور على هذا الأرذل الأدنى { وَ } ولهذا { أَعْتَدْنَا } وهيأنا بمقتضى قهرنا وجلالنا { لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ } وبالأمور الموعودة فيها { سَعِيراً } [ الفرقان : 11 ] أي : ناراً مستعرة ملتهبة في غاية التلهب والاشتعال ؛ بحيث { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } يعني : إذا كانوا بمرأى العين منها مع أنهم بعيدون منها بمسافة طويلة { سَمِعُواْ لَهَا } مع بُعدها { تَغَيُّظاً } أي : صوتاً كصوت المغتاظ من شدة تلهبها وغليانها { وَزَفِيراً } [ الفرقان : 12 ] أيضاً كزفرة المغتاظ ، والزفير في الأصل : ترديد النَّفَس حتى تنتفخ الضلوع ؛ يعني : من شدة غيظها لهم تغلي وتلتهب تلهباً شديداً ، وتردد نفسها ترديداً بليغاً حتى يردوا فيها .