Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 123-135)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ قال سبحانه مخبراً عن أحوال المكذبين أيضاً : { كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الشعراء : 123 ] جمعه على الوجه الذي ذُكر في تكذيب نوح ، وإنما أنث باعتبار القبيلة وعاد اسم ابيهم . وقت { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ } حين رأى منهم ما هو من أمارات الكفر والفسوق عن مقتضى الاستقامة الموضوعة بينهم بوضع إلهي : { أَلاَ تَتَّقُونَ } [ الشعراء : 124 ] من بأس الله أيها المفرطون المسرفون ، ولا تحذرون عن قهره وانتقامه أيها الجاهلون . { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } [ الشعراء : 125 ] مرسل إليكم من عنده ؛ لأبلغكم ما أُرسلت به من قبل الحق من الأوامر والنواهي المصلحة لأحوالكم ، المبعدة عن غضب الله إياكم وقهره . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } الغالب القادر على أنواع الانتقامات { وَأَطِيعُونِ } [ الشعراء : 126 ] فيما أمرت لكم بوحي الله وإلهام من الأمور المهذبة لأخلاقكم . { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 127 ] . من جملة تربيته : إرسال الرسل على المنحرفين عن سبيل الاستقامة من المنصرفين عن طريق توحيده { أَتَبْنُونَ } وتعمرون أيها المسرفون المستكبرون { بِكُلِّ رِيعٍ } تلال مرتفعة من الأرض { آيَةً } تستدلون بها في سلوككم نحو مقاصدكم ومناهجكم ، مع أن النجوم الزهرات ؛ إنما خُلقت لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ، وأنتم بوضعكم هذه الآيات والعلامات { تَعْبَثُونَ } [ الشعراء : 128 ] وترتكبون فعلاً لا فائدة لكم فيها أصلاً . { وَ } أيضاً من جملة كبركم وخيلائكم : إنكم { تَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ } أي : منابع الماء والقوانيت ، أو قصوراً عاليات وأبنية شامخات مجصصه مشيدة { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } [ الشعراء : 129 ] وتؤملون الخلود في دار الابتلاء والغرور ؛ لذلك تحكمون بناءكم وتشيدونها . { وَ } من كماف استكباركم وتجبركم { إِذَا بَطَشْتُمْ } وأخذتم أحداً بجريمة صدرت عنه { بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } [ الشعراء : 130 ] متجبرين متكبرين ، خارجين عن مقتضى الحد الإلهي ؛ الموضوع للتأديب والتعزير . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور ألاَّ يأخذكم على أمثال هذا الاجتراء على عباده والظلم عليها { وَأَطِيعُونِ } [ الشعراء : 131 ] في نصحي وتذكيري ؛ لتنجوا من سخط الله وعضبه . { وَ } بالجملة : { ٱتَّقُواْ } القادر العليم الحكيم { ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ } ونصركم { بِمَا تَعْلَمُونَ } [ الشعراء : 132 ] من أنواع النعم ، وأصناف الكرم الفائضة عليكم . ثمَّ فصَّل بعضاً منها تنصيصاً عليهم ، فقال : { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ } تستمدون بها أكلاً وحملاً وركوباً { وَبَنِينَ } [ الشعراء : 133 ] تظاهرون بهم وتفاخرون . { وَجَنَّاتٍ } منتزهات ملتفة بأنواع الأشجار والكروم { وَعُيُونٍ } [ الشعراء : 134 ] جاريات تجري بين جناتكم منها أنهار المياه . { إِنِّيۤ } من كمال عطفي ومرحمتي { أَخَافُ عَلَيْكُمْ } من كمال تعنتكم واستكباركم { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الشعراء : 135 ] أي : نزول عذاب الله وأنواع عقوباته فيه .