Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 136-145)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولمَّا سمعوا منه ماسمعوا من التذكير والنصيحة على طريق المبالغة { قَالُواْ } من كمال استكبارهم واستنكافهم ، وشدة إنكارهم : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ } يا هود { أَوَعَظْتَ } بما وعظت { أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } [ الشعراء : 136 ] المذكرين ، نحن ما نسمع منك خرافاتك ولا نتمثل بها ، ولا نترك لأجلها وأجلك أخلاق أسلافنا التي كانوا عليها . { إِنْ هَـٰذَا } أي : ما كنا عليه من الأخلاق ما هي { إِلاَّ خُلُقُ } آبائنا { ٱلأَوَّلِينَ } [ الشعراء : 137 ] وعادتهم المستمرة ، وسنتهم السنية المأثورة لنا منهمز { وَ } بالجملة : { مَا نَحْنُ } ولا أسلافنا الذين مصوا عليها { بِمُعَذَّبِينَ } [ الشعراء : 138 ] بعد انقراضنا عن هذه النشأة : إذ لا إعادة ولا رجوع لنا ، ولا نشور من قبورنا بعدما متنا وكنا تراباً وعظاماً بالية . بالجملة : لم يقبلوا منه دعوته ، ولم يصدقوا قوله : { فَكَذَّبُوهُ } تكذيباً شديداً ، وصاروا بسبب تكذيبهم إياه ، وإنكارهم عليه مستحقين لقهرنا وغضبنا { فَأَهْلَكْنَاهُمْ } من كمال غيرتنا ، واستأصلناهم بمقتضى قدرتنا { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإهلاك والاستئصال { لآيَةً } دالة على استقلالنا واستيلائنا بالسلطنة القاهرة على مظاهرنا ومربوباتنا { وَ } لكن { مَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 139 ] بنا وبأسمائنا ، وأوصافنا الكاملة الشاملة آثارها لعموم المظاهر والمصنوعات . { وَإِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل { لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب المستقبل بالتصرف في آثار أسمائه وأوصافه بلا مشاركة له في الوجود والإيجاد { ٱلرَّحِيمُ } [ الشعراء : 140 ] بتجلياته اللطيفية الجمالية في إظهار الكائنات المشاهدة في الآفاق والأنفس حسب إمداده وإعانته . ثمَّ قال سبحانه مخبراً عن المكذبين المهلكين أيضاً : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الشعراء : 141 ] . { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ } المصلح لأحوالهم حين لاح عليهم علامات الإعراض عن الله ، والانحراف عن جادة توحيده : { أَلا تَتَّقُونَ } [ الشعراء : 142 ] عن قهر الله ، فتخرجون عن حدوده . { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } [ الشعراء : 143 ] أنبهكم على ما يصلح حالكم ، وأجنِّبكم عمَّا يفسدكم . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور ، واحذروا من قهره وصولة غضبه وجلاله { وَأَطِيعُونِ } [ الشعراء : 144 ] فيما أنصح لكم وأذكركم به . { وَ } اعلمواأني { مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي : على تذكيري { مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 145 ] وهو سبحانه اختارني للبعثة والرسالة ، واصطفاني لحمل وحيه ، فأرجوا من فضله وسعة جوده أن يفيض عليَّ من معارفه وحقائقه إلى حيث اضمحل هويتي الباطلة في هوية الحق ، وتلاشى تعيناتي بالفناء فيه .