Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 29-40)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما جهلهم موسى وشدد عليهم ، وسفههم { قَالَ } فرعون مستكبراً مستعلياً مهدداً : { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ } وعبدت يا موسى { إِلَـٰهَاً غَيْرِي } على مقتضى زعمك { لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [ الشعراء : 29 ] المعهودين عندك أنهم لا مخلص لهم عن سجني حتى يموتوا فيه ، فإنه كان يطرح المخالفين في هوة عميقة يموتون فيها . وبعدما سمع موسى تهديده وعتوه { قَالَ } مستفهماً على سبيل التعجيز والغلبة : { أَ } تفف ما هددتني به { وَلَوْ جِئْتُكَ } أيها الطاغي المتجبر { بِشَيءٍ } أي : بمعجزةٍ { مُّبِينٍ } [ الشعراء : 30 ] ظ اهر الدلالة على صدقي في دعواي . { قَالَ } فرعون مستحيياً عن الناس ، مستبعداً نفسه عن العجز : { فَأْتِ بِهِ } أي : بالذي ادعيت من المعجزة { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الشعراء : 31 ] في الدعوى . { فَأَلْقَىٰ } موسى { عَصَاهُ } على الفور { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } [ الشعراء : 32 ] ظاهر ثعبانيته ، عظيم بحيث لا يُشتبه على أحدٍ أمره . { وَ } بعدما ألقى عصاه { نَزَعَ يَدَهُ } أي : أخرجها من جيبه ؛ ليثبت مدعاه بشاهدين { فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ } محيرة مفرقة للأبصار من غاية شعاعها ولمعانها { لِلنَّاظِرِينَ } [ الشعراء : 33 ] إليها ، مدهشة لقلوبهم إلى حيث تاهوا وتحيروا من تشعشعها . فلما رأها فرعون { قَالَ } بعدما أوجس في نفسه خيفة { لِلْمَلإِ } الذين يجلسون { حَوْلَهُ } مستغرباً من أمره ، مستعجباً : { إِنَّ هَـٰذَا } المدعي { لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [ الشعراء : 34 ] ماهر في علم السحر ، بالغ نهايته . { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ } المألوفة { بِسِحْرِهِ } هذا وكمال فيه { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } [ الشعراء : 35 ] في أمره أيها الأشراف . انظر أيها المتأمل الناظر إلى كمال قدرة الله وسطوع حججه الغالبة البالغة ، كيف تأثر منها فرعون المتكبر المتجبر الطاغي ، مع كمال عتوه واستعلائه ، إلى حيث اضطر إلى المشورة مع الناس في أمر موسى ودفعه ، مع أنه ادَّعى الألوهية لنفسه . وبعدما سمع الأشراف قوله { قَالُوۤاْ } له : مقتضى شأنك وجلالك ألاَّ تتسارع إلى قتلهما ؛ لئلا تُنسب إلى العجز الإلزام منهما ومن حجتهما ، بل { أَرْجِهْ } واحبس موسى { وَأَخَاهُ } هارون ، وأخِّر قتلهما زماناً { وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ } شرِطة { حَاشِرِينَ } [ الشعراء : 36 ] جامعين . حتى { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ } مبالغ في السحر { عَلِيمٍ } [ الشعراء : 37 ] فائق منه ، بالغ نهايته . فبعث شرطة إلى الأقطار بعدما وكلَّل عليهما وكلاء يحبسونهما { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ } المهرة في هذا الفن { لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الشعراء : 38 ] أي : لوقت عُيِّن لجمعهم في يوم الزينة ، وهو وقتي الضحى . { وَقِيلَ لِلنَّاسِ } أي : نودي عليهم في الطرق والسلك : { هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } [ الشعراء : 39 ] لموعد يوم معلوم ؛ حتى تشاهدوا حال موسى وهارون وغلبة السحرة عليهما ، وإبطال ما أتيا به من السحر . { لَعَلَّنَا } بأجمعنا { نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } [ الشعراء : 40 ] إياهما .