Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 41-51)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فخرج فرعون إلى الموعد واجتمع الناس فيه ، وأحضروا موسى وهارون { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ } الموعد { قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ } طالبين الجُعل منه : { أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } [ الشعراء : 41 ] المبطلين ما جاء به من السحر . { قَالَ } لهم فرعون : { نَعَمْ } إن غلبتم أنتم لكم من الأجر ما أَمِلتم وطلبتم { وَ } بعد ذلك { إِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } [ الشعراء : 42 ] إليَّ ، المصاحبين معي ، فلكم الترقي والزيادة في الإنعام والإحسان في كل حين وأوان . وبعدما رضوا بما وُعدوا جاءوا بمقابلة موسى ، واشتغلوا بمعارضته { قَالَ لَهُمْ } أي : السحرة { مُّوسَىٰ } على سبيل الجراءة وعدم المبالاة بسحرهم : { أَلْقُواْ } أيها الطغاة البغاة ، المتعارضون بأكاذيب السحرة والشعبذة مع آيات الله ومعجزاته عناداً ومكابرةً { مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } [ الشعراء : 43 ] من الأباطيل . { فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ } التي احتالوا فيها بأنواع الحيل { وَقَالُواْ } حين إلقائها مقسما : { بِعِزَّةِ فِرْعَونَ } وسطوته وجلاله { إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الشعراء : 44 ] المقصورون على الغلبة على موسى وأخيه . ولما رأى موسى من أباطيلهم ما رأى { فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ } بإلهام الله إياه { فَإِذَا هِيَ } ثعبان مبين { تَلْقَفُ } أي : تبتلع وتلتقم جميع { مَا يَأْفِكُونَ } [ الشعراء : 45 ] أي : يحتالون فيه ، ويخيَّلونه حيات تسعى بتمويهاتهم وتزويراتهم . وبعدما شاهد السحرة من عصا موسى ما شاهدوا من الأمر العظيم المعجز الذي لا يتأتى بالسحر مثله تيقنوا أنها ما هي سحر وشعبذة ، بل أمر سماوي إلهي ، لا يُكتنه لميته وكيفيته . { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ } على الفور { سَاجِدِينَ } الشعراء : 46 ] متذللين ، واضعين جباههم على تراب المذلة استحياءً من مقابلة أباطيلهم معه . { قَالُواْ } حين سقطوا صائحين : { آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 47 ] . { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } [ الشعراء : 48 ] وصدقنا أنهما رسولان من عنده سبحانه على الحق ، وأذعنَّا ألاَّ معبود يُعبد بالحق ، ويستحق للعبادة سواه ، ولا إله غيره . وبعدما رأى فرعون منهم ما رآى { قَالَ } مهدداً متوعداً إياهم : { آمَنتُمْ لَهُ } أي : صدقتم موسى بغتةً ، وآمنتم لإلهه { قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } بتصديقه ، فقد لاح { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ } ومعلمكم { ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } اتفقتهم مه في الخلوة ؛ لتفضحونا على رءوس الملأ { فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أيها المفسدون أنَّا أقدر على الانتقام والتعذيب أم رب موسى ؟ ! { لأُقَطِّعَنَّ } أولاً { أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } متبادلتين { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ } بعد ذلك على رءوس الأشهاد { أَجْمَعِينَ } [ الشعراء : 49 ] بجمعكم هذا ؛ ليعتبر من حالكم من في قلبه خلافنا ونفاقنا . وبعدما سمعوا تهديده ووعيده { قَالُواْ } منقطعين نحو الحق ، متشوقين بلقياه : { لاَ ضَيْرَ } أي : لا ضرر يلحق بنا من قتلك وإهلاكك إيانا أيها الطاغي { إِنَّآ } بالموت الصوري والهلاك المجازي { إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } [ الشعراء : 50 ] صائرون راجعون بعد ارتفاع أنانيتنا الباطلة عن البين ، وهويتنا الباطلة عن العين . { إِنَّا نَطْمَعُ } بعدما خرجنا عن أنانيتنا هذا { أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ } التي صدرت عنا في زمان جهلنا وغفلتنا { أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 51 ] أي : لأن كنا أول المؤمنين الموقنين بتوحيده اليوم .