Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 52-62)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما أقام موسى فيهم زماناً ، ويدعوهم إلى التوحيد دائماً وما زادوا إلاَّ عتواً وعناداًت ، وأدى عتوهم إلى أن قصدوا مقته وهلاكه ، وقتل من معه من المؤمنين ؛ لذلك { أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ } بعدما هموا العزم لهلاكه ، وقلنا له : { أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ } أي : سِرْ ليلاً يا موسى مع من تبعك من عبادي { إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } [ الشعراء : 52 ] يتبعكم ويعقبكم فرعون وجنوده . فأسرى موسى مع المؤمنين ، فاطلع فرعون وقومه على إسرائهم { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ } شرطة { فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } [ الشعراء : 53 ] لجندهم ؛ ليتبعوهم . وأمر الشرطة أن قالوا للجيش ترغيباً لهم وتحريكاً لحميتهم : { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ } الفارين { لَشِرْذِمَةٌ } أي : طائفة وجماعة { قَلِيلُونَ } [ الشعراء : 54 ] بالنسبة إلينا ، مع أنهم ستمائة وسبعون ألفاً ، وقوم فرعون من كثرتهم لا يعد ولا يحصى . { وَ } لنا أن نتبعهم ونستأصلهم { إِنَّهُمْ } قوم عدو { لَنَا لَغَآئِظُونَ } [ الشعراء : 55 ] بناـ يفعلون أفعالاً تغيظنا وتحرك غيظنا ، فلنا أن نقلع عرقهم عن وجه الأرض . { وَإِنَّا } وإن كنا أقوياء أشداء على الأعداء { لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } [ الشعراء : 56 ] دائماً عن كيدهم ومكرهم ، وإفسادهم بأنوع الفسادت من قطع الطريق والالتجاء بالأعداء والمظاهرة معهم ، ولا بدَّ لذوي الحزم والعزم من الضبط والاحتياط في عموم الأحوال . { فَأَخْرَجْنَاهُمْ } بعدما تعلق إرادتنا بإهلاكهم وإغراقهم بهذه الدواعي والبواعث المهيجة لنفوسهم إلى الخروج والاقفتاء أثر الأعداء { مِّن جَنَّاتٍ } منتزهات بهية فيها فواكهة شهية { وَعُيُونٍ } [ الشعراء : 57 ] أي : منابع تجري منها في جناتهم الأنهار خلالها ؛ ليزيد صفاء ونضارة وبهاء . { وَكُنُوزٍ } من الذهب والفضة مدفونة وغير مدفونة { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [ الشعراء : 58 ] هو المنازل الحسنة والقصور المرتفعة الموضوة فيها الأرائك والسرور والبسط المفروشة من الحرير وغيرها . { كَذَلِكَ } أي : أخرجناهم إخراجاً كذلك بإحداث بواعث الخروج في نفوسهم وإزعاجهم إلى أن يخرجوا مضطرين { وَ } بعدما أخرجناهم عمَّا أخرجناهم { أَوْرَثْنَاهَا } أي : ما سمعت من المذكورات جميعها { بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 59 ] إنعامهاً لهم وامتناناً عليهم بما صبروا بظلمهم وأنواع أذياتهم . وبعدما اجتمع الجيش من أطراف المدائن ، وازدحموا على باب فرعون خرجوا خلفهم مسرعين { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } [ الشعراء : 60 ] أي : وقت طلوع الشمس من المشرق . { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } أي : تقاربا إلى أن رأى كل من الجمعين صاحبه { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ } مشتكين إليه ، ميئوسين من الحياة بعدما رأوا من خلفهم جيشاً لا يُعدّ ولا يُحصى ، وعن أمامهم البحر الذي لا يمكن العبور عنه : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [ الشعراء : 61 ] ملحقون ، يلحقنا العدو الآن وبعد فناؤنا في البحر . { قَالَ } موسى ردعاً لهم وإزالةً لرعبهم : { كَلاَّ } أي : ارتدعوا عن هذا القول ولا تخافوا عن إداركهم { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] ويلهمني إلى طريق النجاة والخلاص ؛ إذ وعدني اليوم بالخلاص ، فإن وعده حتم لا يخلف .