Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 63-74)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فصبر إلى أن قرب العدو ، ووصل موسى على شاطئ البحر مضطراً مضرباً { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ } بأن قلنا له : { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } فضربه على الفور { فَٱنفَلَقَ } البحر ، وافترق فرقاً وقُطع قطعاً كثيرة { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ } بعد انفلاقه وانقطاعه { كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } [ الشعراء : 63 ] أي : كالجبل الراسي المرتفع نحو السماء ، الثابت في مقره بلا حركة وذهاب ، وانفرج بين الفلق فرجاً وسيعة فدخل على الفور موسى وقومه في الشعوب والفرج ، كل سبط بشعب . { وَ } بعدما دخلوا في شعاب البحر المنغلق { أَزْلَفْنَا } وقربنا { ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } [ الشعراء : 64 ] أي : فرعون وقومه ، وهم أيضاً وصلوا على شاطئ البحر فرأوهم في شعابه على العبور ، فاقتحموا أثرهم مطمعين النجاة مثلهم . { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } [ الشعراء : 65 ] بأن حفظنا البحر على انغلاقه إلى أن عبروا سالمين من تلك الفررج . { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } [ الشعراء : 66 ] أي : فرعون وقومه جميعاً بعدما دخلوا في تلك الفرج بإطباق البحر ، وإفناء انفلاقه وافتراقه ، واتصاله على الوجه الذي كان عليه . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإنجاء والإغراق { لآيَةً } دالة على كمال قدرة الله ، ومتانة حكمته بالنسبة إلى ذوي البصائر والاعتبار ، المشمرين ذيل الغناية والاهتمام نحو التفكر والتدبر في آثار أوصاف الفاعل المختار { وَ } لكن { مَا كَانَ أَكْثَرُهُم } أي : ما أكثر الناس المجبولين على فطرة الاستدلال والاعتبار { مُّؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 67 ] بالله وتوحيده وأسمائه حتى يتأملوا في آثار صفاته ؛ ليستدلوا على ذاته . { وَإِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل { لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب على أمره ، القادر المتقدر على إجراء أحكامه وإنفاذ قضائه { ٱلرَّحِيمُ } [ الشعراء : 68 ] لخُلَّص عباده الموفَّقين من عنده للوصول إلى مبدئهم ومعادهم . { وَٱتْلُ } يا أكمل الرسل { عَلَيْهِمْ } أي : على مكذبي قريش ومعانديهم { نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } [ الشعراء : 69 ] أي : قصة جدك الخليل - صلوات الرحمن عليه - مع قومه . وقت { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ } سائلاص لهم عن حقيقة ما يعبدون من الآلهة ؛ ليريهم أن الأصنام لا تستحق العبادة والانقياد : { مَا تَعْبُدُونَ } [ الشعراء : 70 ] ولأي شيء تنقادون وتطيعون ؟ ! . { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } [ الشعراء : 71 ] أي : يدوم عكوفنا إياها وإطاعتنا لها . { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } ويجيبون دعوتكم { إِذْ تَدْعُونَ } [ الشعراء : 72 ] إليها في السراء والضرء ؟ ! { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ } ويثيبونكم ؛ جزاءً لطاعتكم وعبادتكم { أَوْ يَضُرُّونَ } [ الشعراء : 73 ] لكم إن أعرضتم وانصرفتم عن عبادتهم ؟ ! . { قَالُواْ } مستغربين عن مسئولاته ؛ يعني : نحن لا نرجو منهم أمثال هذه الصفات ؛ إذ هم جمادات لا تتأتى منهم أفعال ذوي الحياة والشعور { بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا } وأسلافنا { كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } [ الشعراء : 74 ] اي : يعبدون لها ، ويعكفون عليها خاشعين متذللين ونحن على أثرهم نعبدهم ونتذلل لهم ؛ تقليداً لآبائنا .