Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 48-53)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ } أي : تسعة رجال اتفقوا إلى حيث صاروا رهطاً واحداً متفقين على قهره وقتله ، والرهط جمع لا واحد له ، يُطلق على ما دون العشرة ، وكان شأنهم مقصوراً على الإفساد والفساد { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بأنواع الفسادات { وَلاَ يُصْلِحُونَ } [ النمل : 48 ] أصلاً في حال من الأحوال . وبعدما ظهر عليهم أمارات العذاب الإلهي ، وتحقق عندهم نزوله قصدوا إهلاك صالح ومن معه قبل إهلاكهم ، حيث { قَالُواْ } في ما بينهم : { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } بأن حلف كل منكم عند صاحبه { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } ونهلكنَّه قبل إلمام العذاب علينا { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } عند طلب ثأره مبالغين في الإنكار : { مَا شَهِدْنَا } في مدة عمرنا { مَهْلِكَ أَهْلِهِ } أي : المكان الذي أهلك فيه صالح . فكيف قتلنا إياه ؟ ! { وَ } نؤكد قولنا هذا بالقسم أيضاً عند وليه ، ونقسم { إِنَّا لَصَادِقُونَ } [ النمل : 49 ] في قولنا هذا ، وما لنا علم بأهلاكه . { وَمَكَرُواْ } واحتالوا ، لمقت نبينا { مَكْراً } بلغياً { وَمَكَرْنَا } أيضاً ؛ لهلاكهم واستئصالهم { مَكْراً } أبلغ من مكرهم ، بأن أمرنا الملائكة حي يمم أولئك المفسدون الماكرون ؛ لقتل صالح ، وأخذوا يطلبونه أن يرجمهم بالحجارة ، ويصيح عليهم بالصيحة الهائلة عند الرجم ، ففعلوا معهم كذلك { وَهُمْ } حينئذٍ من شدة هولهم وفزعهم { لاَ يَشْعُرُونَ } [ النمل : 50 ] الصائح والرماة ، فهلكوا بالمرة بلا وصول إلى من مكروا لأجله . { فَٱنظُرْ } أيه الناظر المعتبر { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } واصلة إليهم لاحقة بهم وبالجملة : { أَنَّا } من مقام قهرنا وجلالنا { دَمَّرْنَاهُمْ } وأهلكنا ؛ أي : التسعة المتقاسمين { وَقَوْمَهُمْ } أيضاً { أَجْمَعِينَ } [ النمل : 51 ] إلى حيث لم يبقَ منهم أحد يخلفهم . { فَتِلْكَ } الأطلال الخربة والرسوم المندرسة { بُيُوتُهُمْ } ومساكنهم التي شيدوها وحصنوها بأنواع التشييدات والمترصفات والتجصيصات انظر كيف صارت { خَاوِيَةً } ساقطة جدرانها على سقوفها منعسكة ، كل ذلك { بِمَا ظَلَمُوۤاْ } وبشؤم ما خرجوا على مقتضى الحدود الإلهية عتواً واستكباراً { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } المكر والإهكلا { لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ النمل : 52 ] دالة على كمال قدرتنا على انتقام من خرج عن ربقة انقيادنا وطاعتنا . { وَ } بعدما أهلكناهم صاغرين { أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيدنا ، وصدقوا رسلنا سالمين غانمين { وَ } هم من كمال إخلاصهم وخشيتهم { كَانُواْ يَتَّقُونَ } [ النمل : 53 ] ويحذرون من قهرنا وغضبنا ، ولا يسيئون الأدب معنا ومع رسلنا .