Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 64-66)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمَّن يَبْدَؤُاْ } ويظهر { ٱلْخَلْقَ } أي : عموم المخلوقات والمكونات من كتم العجم بعدما لم يكن شيئاً مذكوراً برش نوره عليها ، ومدّ ظله إليها بمقتضى لطفه وجماله { ثُمَّ } بعد إظهاره وإيجاده من { يُعيدُهُ } ويبعثه بعد إعدامه وإماتته بمقتضى قهره وجلاله { وَمَن يَرْزُقُكُم } ويقوم مزاجكم بأنواع الأغذية الحاصلة { مِّنَ } أسباب { ٱلسَّمَآءِ } قوابل { وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } القادر المقتدر على إنشاء البدائع ، وإبداء الغرائب والعجائب المكنونة في التراب ؛ ليتكون غذاء لمن عليها من الحيوانات تثبتون وتشركون أيها الحمقى المسرفون ، المشركون المكابرون ، فإن أصروا على شركهم وكفرهم بعدما سمعوا قوارع الدلائل القاطعة ، والشواهد الساطعة { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً عليهم وتبكيتاً : { هَاتُواْ } أيها الحمقى { بُرْهَانَكُمْ } على دعواكم ألوهية معبوداتكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ النمل : 64 ] في هذه الدعوى . وبعدما تم إلزامك عليهم ، وتبكيتك إياهم { قُل } يا أكمل الرسل كلاماً ناشئاً عن محض التوحيد ، خالياً عن وصمة الكثرة مطلقاً : { لاَّ يَعْلَمُ مَن } ظهر { فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ } أي : العلويات { و } من ظهر في { ٱلأَرْضِ } أي : السفليات من المظاهر المجبولة فيهما على فطرة الشعور والإدراك { ٱلْغَيْبَ } الذي غاب عن مداركهم وعقولهم وحواسهم { إِلاَّ ٱللَّهُ } المنزه عن الأماكن والأزمان ، بل الكل في حيطة أسمائه وأوصافه ، والمبرأ عن الاشتراك في جنس وعن الامتياز بفصل ، فإنه واحد لا يشارك مع شيء عنه بشيء ، بل وحدته لا كسائر الوحدات ، ولا علمه كسائر العلوم ، وكذا جميع صفاته وأسمائه ، فإنه سبحانه يعلم بعلمه الحضوري جميع ما ظهر وبطن ، وغاب وشهد بلا تفاوتٍ ، بل الكل في ساحة عز حضوره على السواء بلا اختلافٍ من الخفاء والجلاء . { وَ } إن اجتهد أولئك الصالحون من أهل السماوات والأرضين { مَا يَشْعُرُونَ } ويدركون { أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [ النمل : 65 ] أي : متى يبعثون ، وفي أي آن يحشرون من قبور تعيناتهم ، وأجداث هوياتهم ؛ للوقوف بين يدي الله ؛ وإن وصلوا بعدما اجتهدوا بتوفيق الله وتيسيره ، إن وقوفهم بين يديه للعرض والجزاء كائن لا محالة ، لكنهم ما وصلوا إلى مرتبة يسع لهم تعيين وقت الحشر والنشر ؛ إذ يعبتر وقت البعث من جملة الغيوب التي استأثر الله بها ، ولم يطلع أحداً من الأنبياء وأوليائه عليها . { بَلِ ٱدَّارَكَ } أي : بلغ وتدارك ، ووصل { عِلْمُهُمْ } أي : علم العلماء وأرباب الشعور والإدراك بعدما كوشفوا بإلهما الله وجذب من جانبه ، و { فِي } تحقق النشأة { ٱلآخِرَةِ } وما فيها من المعتقدات المحققة من الحشر والنشر ، والصراط والسؤال ، والجنة والنار ، والثواب والعقاب ، وجميع الأمور التي نطقت بها ألسنة الكتب والرسل { بَلْ هُمْ } أي : بل أكثر الناس { فِي شَكٍّ } وتردد { مِّنْهَا } أي : من الآخرة ومن الأمور الكائنة فيها { بَلْ هُم } أي : بل أكثرهم { مِّنْهَا } ومن الأمور الموعودة فيها { عَمُونَ } [ النمل : 66 ] غافلون منكرون ، لا يعتقدون ولا يقبلون ، بل ينكرونها أشد إنكار ، ويكذبونها أبلغ تكذيب .