Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 29-31)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } أي : أقصى الأجلين ، ومكث عنده عشراً أخر بعدما تزوج ابنته ؛ للاسترشاد والاستكمال ، وبعدما كمل بصحبة المرشد الكامل المكمل أراد أن يرجع إلى قومه فخرج من عنده { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } نحو مصر ، وهي حاملة فجاءها الطلق في ليلة شاتية مظلمة ، وهم على جناح السفر ضالين عن الطريق { آنَسَ } أي : أبصر موسى { مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ } أي : من الجهة التي تجاه الطور { نَاراً } ففرح من رؤيتها { قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ } ساعة { إِنِّيۤ آنَسْتُ } وأبصرت { نَاراً } ومن هذا يُعلم أن أهله لم يروها ، أذهب إليها { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } من الطريق أستخبر من عندنا { أَوْ جَذْوَةٍ } أي : عود غليظ معي شيء { مِّنَ ٱلنَّارِ } إن لم أجد عندها أحداً { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } [ القصص : 29 ] تستدفئون من البرد ، فمكثوا . فبادر إليها سريعاً { فَلَمَّآ أَتَاهَا } وقرب إليها { نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي } أي : شفيره وجانبه { ٱلأَيْمَنِ } باليمن ، والكرامة الواقعة { فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ } التي كثر الخير والبركة فيها { مِنَ ٱلشَّجَرَةِ } أي : نُودي من الشجرة التي تعقد النار عليها نداءً عجيباً معرباً عن اسمه ، مصرحاً به : { أَن يٰمُوسَىٰ } المتحير في بيداء الطلب ، القلق الحائر في فيافي التعب { إِنِّيۤ } مع كمال إطلاقي وإن ظهرت على صورة نار ، وتقيدت بها متنزهاً عن كمال تنزهي عن عموم الصور والتعينات { أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ القصص : 30 ] الجامع لجميع الأسماء والصفات ، المتجلي لجميع الصور والشئون ، وعموم الهياكل والتماثيل ، المتعالي عن الحلول في شيء والاتحاد به والمعية معه مطلقاً ، فاطلبني تجد جميع حوائجك عندي ؛ لأني رب العالمين ، أي : مربٍ الكل ومدبره بعدما أظهرت الأشياء وأوجدتها من كتم العدم . وبعدما سمع موسى ما سمع استوحش من هذا النداء ، وارتعد من هيبة هذا الصدى ؛ لأنه في ابتداء انكشافه وشهوده أنس معه ربه ؛ إزالةً لرعبه ووحشتها ، فقال مخاطباً له ، آمراً : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } التي في يدك ؛ حتى ترى عجائب وغرائب حكمتنا وليزول استبعداك من ظهورنا على صورة الناس فألقاها ، فإذا هي حية تسعى { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ } وتتحرك على وجه السرعة { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } أي : حية صغيرة سريعة السير { وَلَّىٰ } موسى ، وانصرف عنها { مُدْبِراً } بعدما أدبر مرعوباً مرهوباً { وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي : لم يرجع ولم يلتفت إلى أخذها خائفاً مها هائباً ، قلنا له منادياً ؛ إزالةً لرعبة : { يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ } إلى عصاك وخذها { وَلاَ تَخَفْ } منها { إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } [ القصص : 31 ] عن ضرر ما ظهرت عليك من الصورة الحادثة المهبية ، فإنَّا سنعيدها سيرتها الأولى .