Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 7-10)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما ولد موسى ، و ظهر من أراد به سبحانه زوال ملك فرعون استوحشت أمه ؛ من وقوف الشرطة عليه وقتله { أَوْحَيْنَآ } وألهمنا { إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ } مهما أمكنك إرضاعه وإخفاؤه { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } من وقوفهم إياه ضعيه في التابوت { فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي } من هلاكه وغرقه { وَلاَ تَحْزَنِيۤ } من فراقه { إِنَّا } من وفور لطفنا وعطفنا { رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } لتحضنه وتحفظه إلى وقت كبره { وَ } بعدما استوى وبلغ أشده { جَاعِلُوهُ مِنَ } جملة { ٱلْمُرْسَلِينَ } [ القصص : 7 ] المؤيدين بالوحي والإلهام ، وظهور أنواع المعجزات والخوارق من يده . وبعدما تفرست أم موسى بوقوف الشرطة وتجسسهم بعدما أرضعته ثلاثة أيام وضعته في التابوت على الوجه المأمور ، وألقته في اليم مفرضة أمرها إلى الله المتكفل بحفظه . فذهب البحر بتابوته إلى حذاء دار فرعون فرآه من فيها { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ } أي : أخذوه وأخرجوه من اليم وأحضروه ، وبعدما كشفوا عنه ستره رأوا وليداً في غاية الحسن والجمال إلى حيث تبهر به عيون الناظر إليه ، بمضغ إبهامه ، فلما رآه فرعون وامرأته وجميع من في بيته من الخدمة أحبوه وأعجبوا حسنه ، وألقينا محبته في قلوبهم جميعاً إلى اتفقوا لحفظه غافلين عن مكرنا معهم { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } أي : موجب حزن طويل وعداوة مستمرة { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } [ القصص : 8 ] مجبولين على الخطأ في جميع أفعالهم ، ومن جلمتها : محافظة العدو الموجب لأنواع العذاب والنكال في النشأة الأولى والأخرى . { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } آسية - رضي الله عنها - من كمال محبتها له وتحننها نحوه لفرعون : هو { قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ } كسائر أبناء إسرائيل على ظن أنه منهم ، بل نحفظه { عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا } أي : رجاء أن ينفع نفعاً { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } خلفاً لنا إذ ظهر على رشد تام وعقل كامل { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ القصص : 9 ] إنه عدوهم الذي يهذب به دولتهم وملكهم بيدهن وهلاكهم بسببه . { وَ } بعد ألقائه في البحر { أَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً } صفراً من العقل ومقتضياته ، وصارت قلقة حائرة هائمة ؛ بحيث اضمحلت عنها أمارات الحياة تحنناً إلى ولدها وشوقاً إليه ، وخوفاً من قتله ، سيما سمعت بالتقاط آل فرعون إياه ووقوعه بأيديهم { إِن كَادَتْ } أي : إنه صارت من غاية الحزن الأسف إلى أن قربت { لَتُبْدِي بِهِ } أي : لتظهر وتبوح بأمره صائحة عليه ، فاجعة في شأنه من التقاط عدوه { لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا } وألقينا { عَلَىٰ قَلْبِهَا } السكينة والطمأنينة { لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ القصص : 10 ] المصدقين لما وعدنا إياها برد ولدها لها بلا ضر من العدو .