Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 27-30)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما خرج عليه السلام من سواد الكوفة مع لوط وزوجته وصل إلى حران ، ثم منها إلى الشام ، فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم ، ثم لما استقر وتمن على فلسطين { وَهَبْنَا لَهُ } من كمال لطفنا معه وفضلنا إياه ابنه { إِسْحَاقَ } نافلة { وَيَعْقُوبَ } ليزول بهما كربة الغربة ووحشة الجلاء ، مع أن هبة ولده إياه من محض الجود الإلهي على سبيل خرق العادة ؛ إذ هو كبير السن وامرأته عاقر { وَ } أيضاً من كمال لطفنا معه { جَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ } مستمرةً إلى الجزاء { وَٱلْكِتَابَ } أي : آتينا الكتاب لبعضٍ منهم ؛ يعني : رسلهم ، وإنما فعلنا معه كذلك ؛ لئلا تنقطع سلسلة كرامتنا عنه ، بل تستمر إلى انقراض العالم { وَ } بالجملة : بعدما هاجر إلينا الخليل بالكلية ، وانخلع عن لوازم ناسوته بالمرة { آتَيْنَاهُ أَجْرَهُ } أي : أجر هجرته { فِي ٱلدُّنْيَا } على وجه لا ينقطع صيته عن الآفاق أبداً { وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ العنكبوت : 27 ] لقبولنا ، المقبولين في ساحة عز حضورنا . { وَ } أرسلنا أيضاً { لُوطاً } إلى قوم انحرفوا عن جادة الاستقامة ، وضلوا عن سواء السبيل ، اذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ } لوط { لِقَوْمِهِ } بوحي الله إياه وإلهامه : { إِنَّكُمْ } أيها المفسدون المسرفون { لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } أي الفعلة التي { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } بغاية قبحها وهجنتها ونهاية شنعتها { مِنْ أَحَدٍ } أي : أحد { مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [ العنكبوت : 28 ] من بني نوعكم ، بل أنتم ابتدعتموها واخترعتموها من خباثة نفوسكم وشؤم شهوتكم . ثم وبخهم وقرعهم بهُجنة أفعالهم وأعمالهم فقال : { أَئِنَّكُمْ } أيها المفرطون في متابعة القوة الشهوية { لَتَأْتُونَ } وتطئون { ٱلرِّجَالَ } من أدبارهم وهم أمثالكم { وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } أي : سبيل التناسل والتوالد ، وتبطلون الحكمة البالغة الإلهية المتعلقة بإبقاء النوع { وَ } مع ذلك { تَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ } أي : مجالسكم ومحافلكم { ٱلْمُنْكَرَ } أي : الفعلة الذميمة ، أي : تأتون بها على رءوس الملأ بلا مبالاة واستحياء وإخفاء ، بل يتباهون بإظهارها ، مع أن إعلان المنكرات من أعظم الجرائم وأقبح الفواحش عند الله وعند المؤمنين ، سيما هذا المنكر المستبدع المستقذر { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } بعدما سمعوا منه التشنيع والتقبيح على أبلغ وجه وآكده { إِلاَّ أَن قَالُواْ } متهكمين له ، مصرين على ما هم عليه من الفعلة الذميمة الشنيعة : { ٱئْتِنَا } يا لوط { بِعَذَابِ ٱللَّهِ } الذي ادعيت نزوله علينا بسبب فعلنا هذا { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ العنكبوت : 29 ] في دعوك ، فنحن لم نمتنع بهذياناتك عن فعلتنا هذا قط ، ولم نقبل منك نصيحتك أصلاً . وبعدما أيس من صلاحهم وإصالحهم { قَالَ } مشتكياً ، ملتجئاً نحوه ، مستنصراً منه : { رَبِّ } يا من رباني على صفة الصلاح والنظافة { ٱنصُرْنِي } بحولك وقوتك بإنزال العذاب { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ العنكبوت : 30 ] المسرفين المفرطين في الإفساد ، الخارجين على مقتضى حدودك .