Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 7-9)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ قال سبحانه حثاً لعباده على التوجه نحو بابه ؛ ليفوزوا بما أعد لهم من الحسنات والدرجات : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وأخلصوا إيمانهم { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المشعرة المؤيدة لإخلاصهم بلا شوب الهوى والرياء والرعونات أصلاً { لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ } ونمحون عن ديوان أعمالهم { سَيِّئَاتِهِمْ } التي جاءوا بها وقت جهلهم وضلالهم { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ } نعاملن معهم { أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ العكبوت : 7 ] يعني : أحسن من الجزاء الذي كانوا يستحقون بأعمالهم بعد إيمانهم وأزيد منه بأضعافه تفضلاً وإحساناً . وبعدما حثهم سبحانه على الإيمان والعمل الصالح أوحى لهم أمرهم ببر الوالدين وحسن المعاشرة معهما والتحنن إليهما ؛ لأنهما من أقرب أسباب ظهورهما على مقتضى سنة الله سبحانه فقال : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ } بعدما كلفه بالإيمان والعمل الصالح أن يأتي كل منهم ويعمل { بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } أي : معاملة ذات حسنٍ يستحسنه العقل والشرع ويرضيه الحق ويقتضيه المروءة بحيث لا يحوم حولها شائبة منَّ ولا أذى ولا استخفاف استحقار ، بل يتلذذون لهما ويتواضعون معهما على وجه الانكسار التام والتذلل المفرط . وعليكم أيها المكلفون امتثال جميع أوامرهما ونواهيهما سوى الشرك بالله والطغيان على الله والعدوان معه ومع رسله وخُلَّص عباده { وَإِن جَاهَدَاكَ } أيها المأمور على بر الوالدين أبواك وبالغا في حقك ، مقدمين أشد إقدام وألحا لك أبلغ إلحاح وأتم إبرام { لِتُشْرِكَ بِي } شيئاً من مظاهري ومصنوعاتي { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ } أي : ليس علمك ويقينك متعلقاً بإلوهويته وربوبيته واستحقاقه للعبادة والرجوع إليه في المهمات ، فلا تطعهما ولا تقبل أمرهما المتعلق بالإضلال والإشراك ، ولا تمتثل قولهما هذا ، بل أعرض عنهما وعن قولهما هذا ، ولا تمض على دينهما وملتهما ؛ إذ { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } أصلاً وفرعاً ، مؤمناً وكافراً ، موحداً ومشركاً ، وبعد رجوعكم إلي { فَأُنَبِّئُكُم } وأخبركم { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ العنكبوت : 8 ] في دار الاختبار ، أحاسب عليكم أعمالكم ، وأجازيكم على مقتضاها ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } منكم في دار الاختبار مخلصين { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } تكميلاً لإيمانهم وتتميماً له بما هو من لوازمه ومتفرعاته { لَنُدْخِلَنَّهُمْ } حين رجوعهم إلينا { فِي } زمرة السعداء { ٱلصَّالِحِينَ } [ العنكبوت : 9 ] المقبولين الآمنين المستبشرين ، الذين { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ يونس : 62 ] والذين كفروا منكم في النشأة الأولى وأصروا على الكفر والشرك ، ولم يرجعوا عنه بعد بعث الرسل ونزول الكتب وورود الزواجر والروادع الكثيرة فيها ، لنعذبهم عذاباً شديداً ، ولندخلنهم يوم يُعرضون في زمرة الأشقياء المردودين المغضوبين الذين لا نجاة لهم من النار ، ولا يرجى خلاصهم منها .