Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 22-25)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } أيضاً مِنْ { آيَاتِهِ } العجيبة الشأن ، والبديعة البرهان : { خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وإيجاد العلويات متطابقة مترافعة مع ما فيها من الكواكب المتفاوتة في الإضاءة والإشراق على أبدع نظام ، وأبلغ التئام وانتظام ، بحيث لا يكتنه عند ذوي العقول ، وأولي الإفهام المجبولين على الاستعلام والاستفهام ، بل لاحظ لهم منها سوى الحيرة والعبرة ، وأنواع الوله والهيمان { وَ } خلق { ٱلأَرْضِ } ممهدة منبسطة مشتملة على جبال راسيات ، وبحار واسعات ، وأنهار جاريات ، وأشجار مثمرات ، ومعادن وحيوانات ، وأصناف من نواع الإنسان المجبول على صورة الرحمن ، الجامع لأنواع التبيان والبيان ، وأصناف الدلائل والبرهان ؛ ليصير مرآة مجلوة يتراءى فيها صور الأسماء والصفات الإلهية ، وينعكس منها شئونه وتطوراته { وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ } أي : لغاتكم وتكلمكم أيها المجبولون على فطرة النيابة والخلافة . { وَ } اختلاف { أَلْوَانِكُمْ } من السواد والبياض ، وأنواع التخطيطات والتشكيلات ، والهيئات الصورية والمعنوية التي اشتملت عليها هياكلكم وهوايتكم ، إنما هي من آثار الأوصاف والأسماء الإلهية التي امتدت على ماهياتكم وتعيناتكم أظلالها وانبسطت { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } الانطباق والالتصاق وأنواع الائتلاف والانتظام الواقعة في الأنفس والآفاق على أغرب الوجوه وأبدع الطرق { لآيَاتٍ } دلائل واضحات ، وشواهد لائحات على كمال قدرة العليم الحكيم { لِّلْعَالِمِينَ } [ الروم : 22 ] أي : لكل من يتأتى منه التفطن والتدبر للمبدأ والمعاد من أرباب الهداية والرشاد ، والتأمل والتفكر على سبيل النظر والاستدلال من الصنائع والآثار إلى الصانع المؤثر المختار . { وَمِنْ آيَاتِهِ } العظام أيضاً : { مَنَامُكُم } واستراحتكم ؛ تقويماً لأمزجتكم ، تقويةً لقواكم { بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } وقت عروض الإعياء والعناء { وَٱبْتِغَآؤُكُمْ } طلبكم المعاش فيهما { مِّن فَضْلِهِ } وسعة رحمة جوده ، أو على طريق اللف والنشر بأن قدر لمنامكم زمان الليل ولابتغائكم النهار { إِنَّ فِي ذَلِكَ } التقدير والتدبير المبني عن كمال العطف واللطف { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [ الروم : 23 ] دلائل توحيده سبحانه سمع قبول ورضا ، ويتأملون في حكمة الحكيم المدبر لمصالح عباده ، وما هو إلا صلح لهم . { وَمِنْ } جملة { آيَاتِهِ } أيضاً : إنه سبحانه { يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ } المبنئ عن هجوم البلاء ونزول المطر أيضاً ، إنما أريكم سبحانه ؛ ليحصل لكم { خَوْفاً } من خشية الله وحلول غضبه وعذابه { وَطَمَعاً } لنزول فضله ورحمته ، وإنما فعل سبحانه معهم كذلك ؛ لتكونوا دائماً خائفين من سخطه وبطشه ، راجعين من فضله وجوده { وَيُنَزِّلُ مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَآءً } بعدما أراكم البرق المخيف المطمع { فَيُحْيِي بِهِ } أي : بالماء النازل { ٱلأَرْضَ } اليابسة { بَعْدَ مَوْتِهَا } أي : بعد جمودها ويبسها { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإراءة والإخافة والإطماع ، والإنزال والإحياء { لآيَاتٍ } على حكمة القادر المختار ، المستقل في التصرف والآثار { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [ الروم : 24 ] ويستعملون عقولهم في التفكر والتدبر في المصنوعات العجيبة والمخترعات البديعة الصادرة من الفاعل المطلق بالإرادة والاختيار . { وَمِنْ آيَاتِهِ } المحكمة أيضاً : { أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ } يعني : من جملة آياته الظاهرة الباهرة : قيام السماء والأرض بلا عمد وأوتاد وأسانيد ، وقرارها ومدارها في مكان معين بلا تبدل وتحول ، إنما هو بأمره وحكمه ، وعلى مقتضى إرادته ومشيئته ، بحث لا يسع لهما الخروج عن أمره وحكمه أصلاً { ثُمَّ } بعدما تأملتم نفاذ حكمه سبحانه ، ومضاء قضائه في معظم مخلوقاته ، فلكم أن تتيقنوا { إِذَا دَعَاكُمْ } وقت إرادة إعادتكم وإحيائكم { دَعْوَةً } متضمنة لأخراجكم { مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } [ الروم : 25 ] يعني : بعدما أسمعكم بكمال قدرته مضمون دعوته إليكم فاجأتم إلى الخروج منها أحياءً بلا تراخٍ ومهلةٍ تتميماً لسرعة نفوذ قضائه .