Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 44-47)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَن كَفَرَ } فيما مضى { فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي : وبال كفره وفسقه ملازم معه يدخله في النار ، ويخلده فيها مهاناً { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً } فيما مضى { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } [ الروم : 44 ] أي : فهم بإيمانهم وعملهم الصالح يمهدون ، ويبسطون لأنفسهم منزلاً ومهاداً في الجنة هم فيها خالدون . والسر في قيام الساعة والنشأة الأخرى : { لِيَجْزِيَ } سبحانه { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وأيقنوا بتوحيده وبجميع ما جاء من عنده على رسله { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المقبولة عنده امتثالاً لما أُمروا به على ألسنة رسله { مِن فَضْلِهِ } أي : يجزيهم من محض فضله ولطفه معهم ، ومحبته إياهم بأضعاف ما استحقوا بأعمالهم وإيمانهم ، ويجزي الكافرين أيضاً بمقتضى عدله بمثل ما اقترفوا من الكفر والشرك وأنواع الظلم والظلال { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } [ الروم : 45 ] المصرين على الكفر والضلالن سيما بعد إرساله سبحانه إليهم منْ يصلحهم ويهديهم إلى صراط مستقيم ، فكذبوه وأنكروا له عناداً واستكباراً . { وَمِنْ } جملة { آيَاتِهِ } سبحانه الدالة على كمال رأفته ورحمته للمؤمنين المتحققين لمرتبة التوحيد ، المتمكنين بمقر الوحدة الذاتية : { أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ } المشتملة لأنواع الروح والراحة ، المهبة من نفحات النفسات الرحمانية ؛ ليتعرضوا لها ويستنشقوا منها فيضان آثار اللطف والجمال ، مع كونها { مُبَشِّرَاتٍ } لمزيد فضله وطوله ، ونزول أنواع رحمته وجوده { وَلِيُذِيقَكُمْ } ويفيض عليكم { مِّن } سعة { رَّحْمَتِهِ } ما ينجيكم ويخلصكم من لوازم بشريتكم وناستوكم { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ } أي : سفن تعيناتكم الجارية في بحر الوجود { بِأَمْرِهِ } وعلى مقتضى مشيئته وإرادته { وَلِتَبْتَغُواْ } وتطلبوا بعدما فوضتم أموركم إليه واتخذتموه وكيلاً { مِن } موائد { فَضْلِهِ } وإحسانه ، وعوائد كرمه وجوده ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر { وَ } إنما فعل معكم سبحانه هذه الكرامات { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ الروم : 46 ] رجاء أن تشكروا نعمه ، وتفوزوا بمزيد كرمه ، وتتحقوا بمقام معرفته وتوحيده الذي جبلتم لأجله . ثمَّ قال سبحانه مقسماً تسليةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإزالةً لهمه وحزنه من تكذيب الجهلة المسرفين ، المشركين بالله ، المستهزئين مع رسوله : { وَ } الله { لَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } يا أكمل الرسل { رُسُلاً } مبشرين ومنذرين { إِلَىٰ قَوْمِهِمْ } الذين ظهرتْ عليهم أمارات الكفر والطغيان ، وعلامات الكفر والعدوان { فَجَآءُوهُم } مؤيَّدين من عندنا { بِٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحة ، والمعجزات اللائحة ، ففاجئوا على تكذيبهم عناداً واستكباراً بلا تدبر وتأمل منهم في آياتهم وبيناتهم { فَٱنتَقَمْنَا } بمقتضى قهرنا وجلالنا { مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } بالجرائم العظام ، سيما تكذيب الرسل - عليهم السلام - { وَ } كيف لا ننتقم عنهم بتكذيبهم رسلنا ، مع أنه { كَانَ حَقّاً عَلَيْنَا } بمقتضى ما ثبت في لوح قضائنا ، وحضرة علمنا { نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } [ الروم : 47 ] أي : نصر الرسل والمؤمنين بهم ، وتغليبهم على الكفارين بعدما امتثلوا لأوامرنا ، و اجتنبوا عن نواهينا ، وبلَّغوا جميع ما أمرناهم وأوحيناهم إلى ما أرسلناهم ، فكذبوهم ولم يقبلوا منهم ؟ ! .