Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 12-14)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ تَرَىٰ } أيها المعتبر الرائي يومئذٍ بعدما بعث الخلائق ، وعُرضوا على ربهم حيارى سكارى ، تائهين هائمين { إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } المنكرون بالعبث والنشور ، والعرض والجزاء وشرف اللقاء حينئذٍ { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } من غاية الخجالة والحياء ، قائلين من نهاية اضطرارهم واضطرابهم ، مناجين معه سبحانه { رَبَّنَآ } يا من ربانا بأنواع الكرامة فكفرناك ، وأرسلت لنا رسلاً فكذبانهم عناداً ، وأنكرنا عليهم وعلى دعوتهم مكابرةً ، فاليوم { أَبْصَرْنَا } ما هو الحق المطابق للواقع { وَسَمِعْنَا } منك حقاً صدق رسلك ، وجميع ما جاءوا به من عندك { فَٱرْجِعْنَا } بفضلك ولطفك إلى الدنيا مرة بعد أخرى { نَعْمَلْ } فيها { صَالِحاً } مرضياً عندكـ مقبولاً على مقتضى ما أبصرتنا وأسمعتنا الآن { إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] اليوم بجميع ما جاء به رسلك ، ونطق به كتابك . لو رأيت حالهم هذا ، وسمعت مناجاتهم هذه حينئذٍ لرأيت أمراً فظيعاً فجيعاً ، ثمَّ نودوا من وراء سرادقات العز والجلال : الآن قد مضى وقت الاختبار والابتلاء ، وانقرض زمان التدارك والتلافي { وَلَوْ شِئْنَا } وتعلق إرادتنا بهدياتكم أولاً { لآتَيْنَا } في دار الابتدلاء { كُلَّ نَفْسٍ } منكم { هُدَاهَا } ووفقكم علهيا كما آتينا لخلَّص عبادنا ، ويسرنا لهم الهداية والرشاد { وَلَـٰكِنْ حَقَّ } أي : صحَّ وثبت { ٱلْقَوْلُ } والحكم { مِنِّي } على مقتضى حكمتي ومصلحتي { لأَمْلأَنَّ } بمقتضى عزتي وجلالي { جَهَنَّمَ } المعدة لأصحاب الشقاوة والأزلية { مِنَ ٱلْجِنَّةِ } التي هي جنود إبليس { وَٱلنَّاسِ } الناسين مقتضى العهود الفطرية ، والمواثيق الجبلية بتغريرات شياطين نفوسهم الأمَّارة بالسوء { أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] وما يبدل القول لدي ، ولا معقب لحكمي . { فَذُوقُواْ } أي : قلنا لهم بعدما لم نستجب دعوتهم : ذوقوا اليوم أيها الضالون المسرفون { بِمَا نَسِيتُمْ } أي : بسبب نسيانكم { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } مع أن الرسل بالغوا بإخباره إياكم ، والكتب نطقت بتبيينه عليكم على أبلغ وجه وآكده ، وأنتم أصررتم على الإنكار غافلين ناسيين مكابرين { إِنَّا نَسِينَاكُمْ } اليوم أنواع العذاب ، كما نسيتم أنتم إيانا فيما مضى { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } أي : المخلَّد المؤبَّد { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ السجدة : 14 ] من الكفران الدائم ، والنيسان المستمر في النشأة الأولى ، أعاذنا الله وعموم عباده من ذلك .