Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 15-18)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ } ويذعن { بِآيَاتِنَا } الدالة على توحيد ذاتنا وكمال أسمائنا وصفاتنا الموحدون المخبتون { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا } أي : بالآيات تبشيراً وإنذاراً { خَرُّواْ } وسقطوا { سُجَّداً } مستقبلين مبادرين لقبولها ، وامتثال ما فيها من الأوامر والنواهي ، والعبر والتذكيرات الواردة في فحاويها { وَ } مع ذلك { سَبَّحُواْ } ونزهوا ربهم عمَّا لا يليق بجناب قدسه ، قائلين { بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } عائدين نعمه على أنفسهم ، مواظبين على شكرها ، خاضعين خاشعين أذلاٍ ، واضعين جباههم على تراب المذلة تواضعاً وإسقاطاً للكبر والخيلاء المذمومين عقلاً وشرعاً { وَهُمْ } حنيئذٍ { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } [ السجدة : 15 ] عند عبادة الله ، وعن الانقياد بأوامره وأحكامه الواردة في كتابهز ومن كمال إطاعتم وانقيادهم : { تَتَجَافَىٰ } أي : تتنحى وترتفع { جُنُوبُهُمْ } وضلوعهم { عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } أي : البسط والوسائد الي رقدوا عليها في الليل ؛ يعني : بعدوا عن مواضع رقودهم واستراحتهم في خلال الليالي { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً } من بشطه وخشيته { وَطَمَعاً } لمرضاته وعموم رحمته ، وسعة جده مغفرته { وَ } هم لا يقتصرون على قيام الليل للتهجد ، بل { مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } وسقنا نحوه من الرزق الصوري والمعنوي { يُنفِقُونَ } [ السجدة : 16 ] في سبيلنا على الطالبين المتوجهين إلينا ، منقطعين عن لذائد الدنيا ومزخرفاتها ، سوى سدّ جوعة وستر عورة ، وهم بارتكاب هذه المتاعب والمشاق ما يريدون إلا وجه الله ، وما يطلبون إلا رضاه سبحانه ، مؤثرين رضاء الله على أنفسهم مخلصين فيه . بحيث { فَلاَ تَعْلَمُ } ولا تغيب { نَفْسٌ } منهم { مَّآ أُخْفِيَ } وأُعد { لَهُم } من قِبَل الحق { مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } هي فوزهم بشرف لقائه برية وجهه الكريم ، وإنما أعدَّ لهم سبحانه ما أعد له { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ السجدة : 17 ] على وجه الإخلاص من إيثارهم جانب الحق على أنفسهم . { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً } أي : أتظنون أيها الظانون المسرفون ، والجاحدون المنكرون أن من كان مؤمناً موقناً بوحدانية الله ، متصفاً بالأعمال الصالحة المؤيدة لإيمانه ، كمن كان فاسقاً خارجاً عن ربقة الإيمان والإخلاص ، وحدود الشرائع الواردة لحفظه ؟ ! كلا وحاشا ، إنهم { لاَّ يَسْتَوُونَ } [ السجدة : 18 ] في الشرف والكمال ، والفوز والنوال .